سورة الحجرات
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٦] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) طلب الجمع بين أدبي الظاهر والباطن من أهل الحضور ونهى عن التقدمة المطلقة في الحضرة الإلهية والحضرة النبوية المتناولة للتقدم في الأقوال والأفعال وحديث النفس والظهور بالصفات والذات ، ولحضرة كل اسم من أسماء الله تعالى أدب يجب مراعاته على من تجلى الله له به ولكل مقام وحال أدب يجب على صاحبه محافظته. فالتقدمة بين يدي الله في مقام الفناء هي الظهور بالأنائية في حضرة الذات ، وفي مقام المحو الظهور بصفة تقابل الصفة التي تشاهد تجليها في حضرة الأسماء كالظهور بإرادته في مقام الرضا ، ومشاهدة الإرادة في حضرة تجلي اسم المريد ، والظهور بعلمه بالاعتراض في مقام التسليم بحضرة العليم وبالتجلّد في مقام العجز ، ومشاهدة القادر وتحديث النفس في مقام المراقبة وشهود المتكلم ، وبالفعل في مقام التوكل والانسلاخ عن الأفعال في حضرة الفعال ، وهذه كلها إخلال بأدب الباطن مع الله تعالى. وأما الإخلال بأدب الظاهر معه ، ف : كترك العزائم إلى الرخص والإقدام على الفضول المباحة من الأقوال والأفعال وأمثالهما. وأما التقدمة بين يدي الرسول بإخلال أدب الظاهر فهو : كالتقدم عليه في الكلام ، والمشي ، ورفع الصوت ، والنداء من وراء الحجرات ، والجلوس معه واللبث عنده للاستئناس بالحديث ، والدخول عليه والانصراف عنه بغير الاستئذان وأمثاله. وأما إخلال أدب الباطن معه ف : كالطمع في أن يطيعه الرسول في أمر ، وظن السوء في حقه وأمثال ذلك. وأما المخالفات التي تتعلق بالأوامر والنواهي والإقدام على الشيء قبل معرفة حكم الله تعالى وحكم