الرسول فيه فهي من سوء أدب أهل الغيبة لا الحضور الذي نحن فيه.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في هذه التقدمات كلها فإن من اتّقى الله حق تقاته لا يصدر عنه أمثال هذه التقدمات في المواقع المذكورة (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) للتقدمات القولية في باب أدب الظاهر ، ولأحاديث النفس في باب أدب الباطن (عَلِيمٌ) بالفعليات والوصفيات وبظهور البقيات.
[٧ ـ ٨] (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨))
(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ) الآية ، لما كان تمني المؤمنين طاعة الرسول إياه معربا عن ظهور نفسه بصفاته ، محتجبا عن فضل الرسول وكماله ، وذلك لا يكون إلا لضعف الإيمان وكدورة القلب بهوى النفس ، واستيلاء النفس على القلب بالميل إلى الشهوات واللذات لغلبة الهوى عليها ، أورد لفظه (وَلكِنَ) بين قوله : (لَوْ يُطِيعُكُمْ) وبين قوله : (اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) لصفاء الروح وبقاء الفطرة على النور الأصلي (وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) بإشراق أنوار الروح على القلب وتنويرها إياه واستعدادها للإلهامات الملكية المفيدة للاستسلام والانقياد لأحكامه (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ) أي : الاحتجاب عن الدين (وَالْفُسُوقَ) أي : الميل إلى اتباع الشهوات بالهوى ومتابعة الشيطان بالعصيان لتنوّر النفس بنور القلب وانقيادها له واستفادتها ملكة العصمة بالاستسلام لأمره. والعصمة هيئة نورية في النفس يمتنع معها الإقدام على المعاصي كل ذلك لقوة الروح واستيلائه على القلب والنفس بنوره الفطري كما أن أضداد ذلك في الذين تمنوا طاعة الرسول إياهم لقوة النفس واستيلائها على القلب وحجبها إياه عن نور الروح (أُولئِكَ) الموصوفون بمحبة الإيمان وتزيينه في قلوبهم وكراهتهم المعاصي (هُمُ الرَّاشِدُونَ) الثابتون على الصراط المستقيم دون من يخالفهم (فَضْلاً مِنَ اللهِ) بعنايته بهم في الأزل المقتضية للهداية الروحانية الاستعدادية المستتبعة لهذه الكمالات في الأبد (وَنِعْمَةً) بتوفيقه إياهم للعمل بمقتضى تلك الهداية الأصلية وإعانته بإفاضة الكمالات المناسبة لاستعداداتهم حتى اكتسبوا ملكة العصمة الموجبة لكراهة المعصية (وَاللهُ عَلِيمٌ) بأحوال استعداداتهم ، (حَكِيمٌ) يفيض عليها ما يليق بها ويناسبها بحكمته.
[٩ ـ ١٤] (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا