سورة الذاريات
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣))
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) أي : النفحات الإلهية والنسائم القدسية التي تذرو غبار الهيئات الظلمانية وتراب الصفات النفسانية ذروا (فَالْحامِلاتِ) أي : الواردات النورانية التي تحمل أوقار الحقائق اليقينية والعلوم الكشفية الحقيقية التي لها ثقل في الميزان لبقائها دون التي تخف من الأمور الفانية إلى قلوب أهل العرفان والنفوس القابلة المستعدة الحاملة لتلك الحقائق والمعاني (فَالْجارِياتِ يُسْراً) أي : النفوس التي تجري في ميادين المعاملات ومنازل القربات بواسطة تلك النفحات والواردات يسرا بلا كلفة كما للمحرومين عن ذلك أو القلوب التي تجري في أبحر الصفات بتلك النفحات يسرا.
[٤ ـ ٦] (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦))
(فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) أي : الملائكة المقرّبين من أهل الجبروت والملكوت التي تقسم بكل واحدة قسطا من السعادة والرزق الحقيقي على حسب الاستعدادات (إِنَّما تُوعَدُونَ) من حال القيامة الكبرى وحصول الكمال المطلق (لَصادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ) أي : الجزاء الذي هو الفيض الوارد بحسب السعي في السلوك والعمل المعدّ للقبول أو الحرمان والتعذب بالحجاب والتأذي بالهيئات المؤذية المظلمة بسبب الركون إلى الطبيعة (لَواقِعٌ) كما قال : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (١) ، وقال : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦)) (٢). أقسم بالمعدّات والقوابل والمفيضات على أن مقتضى اجتماعها واجب الوقوع.
[٧ ـ ٩] (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩))
(وَالسَّماءِ) أي : الروح (ذاتِ) الطرائق من الصفات ، فإن من كل صفة طريقا إلى سماء الروح يصل إليها من يسلكها وكل مقام وحال بابا إليها (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) من
__________________
(١) سورة العنكبوت ، الآية : ٦٩.
(٢) سورة المطففين ، الآيات : ١٤ ـ ١٦.