سورة الرحمن
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) الرَّحْمنُ) اسم خاص من أسماء الله تعالى باعتبار إفاضة أصول النعم كلها من الأعيان وكمالاتها الأولية بحسب البداية ، وإنما أورد هاهنا لعموم وصفيته الشاملة للأوصاف التي تحت معناه في المبدئية ليسند إليه الأصول المختلفة الواردة بعده.
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) أي : الاستعداد الكامل الإنساني المسمى بالعقل القرآني الجامع للأشياء كلها ، حقائقها وأوصافها وأحكامها إلى غير ذلك مما يمكن وجوده ويمتنع بإيداعه في الفطرة الإنسانية وركزه فيها ولأن ظهوره وبرزوه إلى الفعل بتفصيل ما جمع فيه. وصيرورته فرقانا إنما تكون بحسب النهاية ما ذكر الفرقان كما ذكره في قوله : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ) (١) لأنه من باب الرحمة الرحيمية لا الرحمانية.
[٣ ـ ٤] (خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤))
(خَلَقَ الْإِنْسانَ) أي : لما أبدع فطرته وأودع العقل القرآني فيها أبرزه في هذه النشأة بخلقه في هذه الصورة العجيبة (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) أي : النطق المميز إياه عن جميع ما سواه من المخلوقات ليخبر به عما في باطنه من العقل القرآني.
[٥ ـ ٦] (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦))
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) أي : الروح والقلب يجريان فيه ويسيران بحساب ، أي : قدر معلوم من منازلهما ومراتبهما مضبوط لا يجاوز أحدهما قدره ومرتبته التي عينت له ، فلكل منهما كمالات ومراتب محدودة القدر معلومة الغاية ينتهي إليها (وَالنَّجْمُ) أي : النفس الحيوانية النورانية بالشعور الحسي في ليل الجسم (وَالشَّجَرُ) أي : النفس النباتية المنمية له. (يَسْجُدانِ) بتوجههما إلى أرض الجسد ووضع جبهتهما عليها بالميل والإقبال الكلي نحوها لتربيتها وإنمائها وتكميلها.
[٧] (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧))
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآية : ١.