[٢٢ ـ ٢٤] (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤))
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لما كان الإسلام مبنيّا على الجمع والتفصيل كثر تكرارهما في المثاني ، أي : لا إله في الوجود إلا هو ، فجمع ثم فصّل بقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) والعلم مبدأ التفصيل إذ عالميته هي تميّز الحقائق وأعيان الماهيات في عين الجمع أي : صور الماهيات في عالم الغيب عن عالميته ووجوداتها في عالم الشهادة هي بعينها ظهرت في مظاهر محسوسة لا بمعنى الانتقال بل بمعنى الظهور والبطون كظهور الصورة المعلومة على القرطاس بالكتابة ، فكل ما ظهر فعن علمه السابق ظهر.
(الرَّحْمنُ) بإفاضة وجودات الماهيات وصورها النوعية على المظاهر باعتبار البداية (الرَّحِيمُ) بإفاضة كمالاتها في النهاية. ثم كرر التوحيد الذاتي باعتبار الجمع لينبه على أن هذه الكثرة المعتبرة باعتبار تفاصيل الصفات لا تنافي وحدته الذاتية كالإضافيات والسلبيات المعدودة بعده (الْمَلِكُ) أي : الغنيّ المطلق الذي يحتاج إليه كل شيء المدبر للكل في ترتيب النظام ، الحكيم الذي لا يمكن كون أتمّ وأكمل منه (الْقُدُّوسُ) المجرد عن المادة وشوائب الإمكان في جميع صفاته فلا يكون شيء من صفاته بالقوة وفي وقت دون وقت (السَّلامُ) أي : المبرّأ عن النقائص كالعجز (الْمُؤْمِنُ) لأهل اليقين بإنزال السكينة (الْمُهَيْمِنُ) الحافظ لمن أمّنه على حالة الأمن من كل مخوف (الْعَزِيزُ) القوي الذي يغلب ولا يغلب (الْجَبَّارُ) الذي يجبر كل أحد على ما أراد (الْمُتَكَبِّرُ) المتعالي عن أن يصل إليه غيره ويقارنه في الوجود (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) بإثبات الغير (الْخالِقُ) المقدّر للمظاهر على حسب ما أراد ظهوره من أسمائه وصفاته (الْبارِئُ) المفصل المميز بعضها عن بعض بالهيئات المتميزة في عين ذاته (الْمُصَوِّرُ) لصورة تفاصيل مظاهر صفاته (لَهُ) هذه (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) الظاهرة في صور المخلوقات المصوّرة الباطنة في صور المبدعات المغيبة ليسبح ذاته على لسان أسمائه وصفاته والله أعلم.