سورة المنافقون
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣))
(الْمُنافِقُونَ) هم المتذبذبون الذين يجذبهم الاستعداد الأصلي إلى نور الإيمان والاستعداد العارضي الذي حدث برسوخ الهيئات الطبيعية والعادات الرديئة إلى الكفر ، وإنما هم كاذبون في شهادة الرسالة لأن حقيقة معنى الرسالة لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم الذين يعرفون الله ويعرفون بمعرفته رسول الله ، فإن معرفة الرسول لا تمكن إلا بعد معرفة الله وبقدر العلم بالله يعرف الرسول فلا يعلمه حقيقة إلا من انسلخ عن علمه وصار عالما بعلم الله وهم محجوبون عن الله بحجب ذواتهم وصفاتهم وقد أطفؤا نور استعداداتهم بالغواشي البدنية والهيئات الظلمانية فأنى يعرفون رسول الله حتى يشهدوا برسالته (ذلِكَ) سبب (بِأَنَّهُمْ آمَنُوا) بالله بحسب بقية نور الفطرة والاستعداد (ثُمَّ كَفَرُوا) أي : ستروا ذلك النور بحجب الرذائل وصفات نفوسهم (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) برسوخ تلك الهيئات وحصول الرين من المكسوبات فحجبوا عن ربهم بالكلية (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) معنى الرسالة ولا علم التوحيد والدين.
[٤ ـ ٦] (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦))
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) لأن التناسب في أشكالهم وحسن مناظرهم وروائهم وكمال صباحتهم ووسامتهم دلّ على استعدادهم من جهة الفراسة ونمّ بنور فطرهم ، ولهذا سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقولهم : واستمع إلى كلامهم. فإن الصباحة وحسن المنظر لا يكون إلا من صفاء الفطرة في الأصل. ولما رأى غلبة الرين على قلوبهم وانطفاء نور استعدادهم وإبطال الهيئات البدنية العارضية خواصهم الأصلية آيس منهم وتعجب من حالهم بقوله : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي : يصرفون عن النور إلى الظلمة وعن الحق إلى الباطل. وروي عن بعض