سورة الطلاق
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٤] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (١) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣) وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤))
(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) بحسب مقتضى مقامه واجتنب ذنب حاله (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) من ضيق المقام والمكاسب إلى سعة روح الحال والمواهب فمن يتقيه في معاصيه يجعل له مخرجا من مضايق الهيئات المظلمة وعقوبات نيران الطبيعة (وَيَرْزُقْهُ) ثواب جنة النفس وأنوار الفضائل من عالم الغيب (مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) لعدم وقوفه منها ومن يتقيه في أفعال نفسه يجعل له مخرجا إلى مقام التوكل ويرزقه تجليات الأفعال من حيث لا يحتسب ، ومن يتقيه في صفات نفسه يجعل له مخرجا إلى مقام الرضا ويرزقه روح اليقين وثمرات تجليات الصفات الإلهية في جنة القلب من حيث لا يحتسب لعدم شعوره بها ، ومن يتقيه في وجوده والتنزه عنه يجعل له مخرجا من ضيق أنائيته إلى فسحة الوجود المطلق ويرزقه الوجود الموهوب من حيث لا يحتسب ولا يخطر بباله (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) بقطع النظر عن الوسائل والانقطاع إليه من الوسائط (فَهُوَ حَسْبُهُ) كافيه يوصل إليه ما قدّر له ويسوق إليه ما قسم لأجله من أنصبة الدنيا والآخرة (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) أي : يبلغ ما أراد من أمره لا مانع له ولا عائق ، فمن تيقن ذلك ما خاف أحدا ولا رجا ، وفوّض أمره إليه ونجا (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) أي : عين لكل أمر حدّا معينا ووقتا معينا في الأزل لايزيد بسعي ساع ولا ينقص بمنع مانع وتقصير مقصّر ولا يتأخر عن وقته ولا يتقدّم عليه ، والمتيقن لهذا الشاهد له متوكل بالحقيقة.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) في مراعاة وقته والاجتناب عن ذنب حاله (يَجْعَلْ لَهُ) من أمر سلوكه