سورة الطاغية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٥] (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥))
(الْحَاقَّةُ) هي الساعة الواجبة الوقوع التي لا ريب فيها إن أريد بها القيامة الصغرى أو التي تحقّ فيها الأمور ، أي : تعرف ، وتحقق إن أريد بها الكبرى. والمعنى : أنّ الساعة ما هي وما أعلمك أي شيء هي ، أي : لا يعرف شدّتها وهولها وما يظهر فيها من الأحوال على المعنى الأول ، أو لا يعرف حقيقتها وارتفاع شأنها وإنارة برهانها وما يبدو فيها أحد إلا الله. وكلتا القيامتين تقرع الناس وتهلكهم وتفنيهم وتستأصلهم بالشدة والقهر ، وأما تكذيبهم بالأولى فلإقبالهم من الدنيا وترك العمل لها وغفلتهم وغرورهم بالحياة الحسية. وأما بالثانية فلعدم وقوفهم عليها وإنكارهم لها واحتجابهم عنها ، وقد يطابق مثل المكذبين بمثل المفرطين أي : المقصرين والغالين بأن يقال : (فَأَمَّا ثَمُودُ) وهم أهل الماء القليل أي : أهل العلم الظاهر المحجوبون عن العلوم الحقيقية (فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) أي : الحالة الكاشفة عن الباطن وعالم التجرد التي تطغى على علومهم فتفنيها وهي خراب البدن.
[٦] (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦))
(وَأَمَّا عادٌ) الغالون المجاوزون حدّ الشرائع بالتزندق والإباحة في التوحيد (فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ) هوى النفس الباردة بجمود الطبيعة وعدم حرارة الشوق والعشق العاتية أي : الشديدة الغالبة عليهم الذاهبة بهم في أودية الهلاك.
[٧ ـ ٨] (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ (٨))
(سَخَّرَها) الله (عَلَيْهِمْ) في مراتب الغيوب السبعة التي هي لياليهم لاحتجابهم عنها. والصفات الثمانية الظاهرة لهم كالأيام وهي الوجود والحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والتكلم ، أي : على ما ظهر منهم وما بطن تقطعهم وتستأصلهم (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى) موتى لا حياة حقيقية لهم لأنهم قائمون بالنفس لا بالله كما قال : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ