سورة نوح ـ عليهالسلام ـ
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٦] (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤) قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦))
(أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) بالمجاهدة والرياضة في سبيله (وَاتَّقُوهُ) بالتجرّد عما سواه حتى صفاتكم وذواتكم (وَأَطِيعُونِ) بالاستقامة (يَغْفِرْ لَكُمْ) ذنوب آثار أفعالكم وصفاتكم وذواتكم (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ) معين لا أجل بعده ، وهو الفناء في التوحيد (إِنَّ أَجَلَ اللهِ) الذي هو توفيه إياكم بذاته (إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ) بوجود غيره بل يفنى كل ما عداه (لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي) في مقام الجمع بين الظلمة والنور إلى التوحيد (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) لأنهم كانوا بدنيين ظاهريين لا يرون النور إلا للضوء الجسماني ولا الوجود إلا للجواهر الجسمانية الغاسقة ، فينفروا عن إثبات نور مجرد أنوارهم بالنسبة إليه ظلمات.
[٧ ـ ٩] (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩))
(وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ) وتسترهم بنورك تصاموا عنه لعدم فهمهم وقصور استعدادهم أو زواله (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) وتستروا بأبدانهم والتحفوا بها لشدّة ميلهم إليها وتعلقهم بها واحتجابهم (وَأَصَرُّوا) على ذلك ولم يعزموا التجرّد (وَاسْتَكْبَرُوا) لاستيلاء صفات نفوسهم واستعلاء غضبهم (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) نزلت عن مقام التوحيد ودعوتهم إلى مقام العقل وعالم النور (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ) بالمعقولات الظاهرة (وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ) في مقام القلب بالأسرار الباطنة ليتوصلوا إليها بالمعقولات.
[١٠ ـ ١٢] (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢))
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) أي : اطلبوا أن يستركم ربّكم بنوره فتتنوّر قلوبكم وتكاشفوا