سورة القيامة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٤] (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤) لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ* وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) جمع بين القيامة والنفس اللوّامة في القسم بهما تعظيما لشأنهما وتناسبا بينهما ، إذ النفس اللوّامة هي المصدّقة بها ، المقرّة بوقوعها ، المهيئة لأسبابها لأنها تلوم نفسها أبدا في التقصير والتقاعد عن الخيرات وإن أحسنت لحرصها على الزيادة في الخير وأعمال البرّ تيقنا بالجزاء فكيف بها إن أخطأت وفرطت وبدرت منها بادرة غفلة ونسيانا. وحذف جواب القسم لدلالة قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) عليه وهو : لتبعثن. والمراد بالقيامة هاهنا الصغرى لهذه الدلالة بعينها (بَلى) أي : بلى نجمعها (قادِرِينَ عَلى) تسوية بنانه التي هي أطراف خلقته وتمامها بأن نعدّلها كما كانت. وقيل في بعض التفاسير الظاهرة : على أن نضمها فنجعلها مسوّاة شيئا واحدا كحافر الحمير وخفّ البعير.
[٥ ـ ١٢] (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢))
(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ) ليدوم على الفجور بالميل إلى اللذات البدنية والشهوات البهيمية غارزا رأسه فيها فيما بين يديه من الزمان الحاضر والمستقبل ، فيغفل عن القيامة لقصور نظره عنها كونه مقصورا على اللذات العاجلة وفرط تهالكه عليها واحتجابه بها عن الآجلة سائلا عنها متعنتا مستبعدا إياها بقوله : (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) أي : تحير ودهش شاخصا من فزع الموت (وَخَسَفَ) قمر القلب لذهاب نور العقل عنه (وَجُمِعَ) شمس الروح وقمر القلب بأن جعلا شيئا واحدا طالعا عن مغرب البدن لا يعتبر له رتبتان كما كان حال الحياة بل اتحدا روحا واحدا (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) أي : يطلب مهربا ومحيصا (كَلَّا) ردع له عن طلب المفرّ (لا وَزَرَ) لا ملجأ (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ) خاصة مستقرّ من نار أو جنة مفوّض إليه لا إلى غيره ولا إلى اختياره أو إليه خاصة استقراره ورجوعه كقوله : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨)) (١).
__________________
(١) سورة العلق ، الآية : ٨.