سورة عبس
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٦] (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦))
(عَبَسَ وَتَوَلَّى) كان صلىاللهعليهوسلم في حجر تربية ربّه لكونه حبيبا فكلما ظهرت نفسه بصفة حجبت عنه نور الحق حتى تحرك بنفسه لا بالله. عوتب وأدّب كماقال : «أدّبني ربّي فأحسن تأديبي» ، إلى أن تخلّق بأخلاقه تعالى. فإن التخلّق بأخلاقه كان بعد الوصول والفناء والتحقق به حال البقاء وهو الاستقامة وقت التمكين وانتفاء التلوين ، فلما نظر بظاهر الحال إلى الكبراء وعظم في عينه غنى الأغنياء وأعرض عن الفقير اعتناء بالقوم وتقوّى الإسلام بهم إن آمنوا ، واحتقارا للفقير وإيمانه ، نبّه بأن مثلك لا ينبغي أن ينظر إلى ظاهر الحال فيتشاغل عن المستعد الطالب الضعيف بالغني القويّ بل يجب أن يكون نظرك مقصورا على الاستعداد وقبول الإيمان فتعتبر ذلك دون غيره ولا تحتجب بالظاهر عن الباطن عسى أن يكون الفقير المتلهي عنه عاملا بالتزكية والتحلية بالغا حدّ الكمال ، فيصير مهديا هاديا لغيره. والغنيّ المتصدّي له لم يؤمن لعدم استعداده أو لاستكباره وعناده.
[٧ ـ ١٤] (وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨) وَهُوَ يَخْشى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١))
(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) وَما عَلَيْكَ) بأس في امتناعه عن الإسلام (كَلَّا) ردع له عن ذلك ، ولهذا روي أنه ما تعبّس بعد نزول هذه الآية في وجه فقير قط ، ولا تصدّى لغني (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) عند الله هي ألواح النفوس السماوية التي نزل القرآن إليها أولا من اللوح المحفوظ كما ذكر (مَرْفُوعَةٍ) القدر والمكان (مُطَهَّرَةٍ) عن دنس الطبائع وتغبراتها.
[١٥ ـ ٣٢] (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٢))