سورة الانفطار
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (١) إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) أي : إذا انفطرت سماء الروح الحيوانية بانفراجها عن الروح الإنساني وزوالها.
[٢] (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (٢))
(وَإِذَا الْكَواكِبُ) أي : الحواس (انْتَثَرَتْ) بالموت وذهبت.
[٣] (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (٣))
(وَإِذَا الْبِحارُ) أي : الأجسام العنصرية (فُجِّرَتْ) بعضها في بعض بزوال البرازخ الحاجزة عن ذهاب كل إلى أصله وهي الأرواح الحيوانية المانعة عن خراب البدن ورجوع أجزائه إلى أصلها.
[٤ ـ ٥] (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥))
(وَإِذَا الْقُبُورُ) أي : الأبدان (بُعْثِرَتْ) بحثت وأخرج ما فيها من الأرواح والقوى.
[٦ ـ ١٩] (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩))
(ما غَرَّكَ) إنكار للغرور بكرمه ، أي : إن كان كونه كريما يسوغ الغرور ويسهله لكن له من النعم الكثيرة والمنن العظيمة والقدرة الكاملة ما يمنع من ذلك أكثر من تجويز الكرم إياه ، والكرام الكاتبون هم النفوس السماوية والقوى الفلكية المنتقشة بما يصدر عنهم من الأفعال ، أي : ارتدعوا عن الغرور بالكرم بل إنما عصيانهم للتكذيب بالجزاء أصلا الذي هو أعظم من الغرور. وإن الكرام الأشراف التي كرمت عن الكون والفساد يحفظون أفعالكم ويكتبونها عليكم فضلا عن الملكين الموكلين بكم ، كما قال تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١) فكيف تجترءون على المعاصي وقد تكتب عليكم في السماء والأرض ، والله تعالى أعلم.
__________________
(١) سورة ق ، الآية : ١٧.