سورة المطففين
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) الباخسين حقوق الناس في الكيل والوزن ، يمكن أن يحمل بعد الظاهر على التطفيف في الميزان الحقيقي الذي هو العدل ، والموزونات به هي الأخلاق والأعمال ، والمطففون هم الذين إذا اعتبروا كمالات أنفسهم متفضلين (عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) يستكثرونها ويزيدون على حقوقهم في إظهار الفضائل العلمية والعملية أكثر مما لهم عجبا وتكبرا.
[٣] (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣))
(وَإِذا) اعتبروا كمالات الناس بالنسبة إلى كمالاتهم أخسروه واستحقروها ولم يراعوا العدالة في الحالين لرعونة أنفسهم ومحبة التفضل على الناس كقوله تعالى : (وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا) (١).
[٤ ـ ٥] (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥))
(أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ) الموصوفون بهذه الرذيلة التي هي أفحش أنواع الظلم ، أي : ليس في ظنهم (أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) فيظهر ما في أنفسهم من الفضائل والرذائل ، أو يحاسب عليه ويرتدع فضلا عن العلم (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) لا يقدر أحد فيه أن يظهر ما ليس فيه ولا أن يكتم ما فيه لانقلاب باطنه ظاهره وصفته صورته فيستحيي ويذوق وبال رذيلته.
[٦] (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦))
(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) عن مراقد أبدانهم (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) بارزين لا يخفى عليه منهم شيء.
[٧ ـ ١١] (كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١))
(كَلَّا) ردع عن هذه الرذيلة (إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ) أي : ما كتب من أعمال المرتكبين
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٨٨.