سورة البروج
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٧] (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) أي : الروح الإنساني ذات المقامات في الترقي والدرجات (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) أي : القيامة الكبرى التي هي آخر درجاته من كشف التوحيد الذاتي (وَشاهِدٍ) أي : الذي شهد الشهود الذاتي في عين الجمع (وَمَشْهُودٍ) أي : الذات الأحدية ومعنى التنكير التعظيم ، أي : شاهد لا يعرفه أحد ولا يقدّر قدره إلا الله لفنائه فيه وانتفاء عينه وأثره فكيف يعرف؟! ، ومشهود لا يعلمه أحد إلا هو. ولعمري إنه عين الشاهد لا فرق إلا بالاعتبار وجواب القسم محذوف مدلول عليه بقوله : (قُتِلَ) أي : لتحجبنّ أو لتلعننّ.
(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) أي : لعن البدنيون المحجوبون بصفات النفس في شقوق أرض البدن وأوهادها (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) بدل الاشتمال من الأخدود لملازمتها إياه وهي الطبيعة الآثارية المحرقة أربابها بالشهوات والأماني (إِذْ هُمْ عَلَيْها) أي : على تلك النار (قُعُودٌ) عاكفون ملازمون لا يبرحون فيتنفسوا في فضاء القدس ويذوقوا روح النفحات الإلهية (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ) الموحدين أهل الكشف والعيان من الازدراء والاستحقار والاستهزاء والاستنكار (شُهُودٌ) يشهد بعضهم على بعض بذلك.
[٨] (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨))
(وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) أي : وما أنكروا منهم (إِلَّا) الإيمان (بِاللهِ الْعَزِيزِ) الغالب على أعدائه بالقهر والانتقام والحجب والحرمان (الْحَمِيدِ) المنعم على أوليائه بالهداية والإيقان.
[٩] (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩))
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يحتجب بهما عن الأشقياء ويتجلى فيهما على الأولياء (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) حاضر يظهر ويتجلى على أوليائه على كل ذرة ، فلهذا آمن من آمن وأنكر من أنكر.