(مُحِيطٌ) يسع كل شيء وهم حصروه في شاهدهم وما شاهدوا إحاطته فلذلك أنكروا (بَلْ هُوَ) أي : هذا العلم (قُرْآنٌ) جامع لكل العلوم (مَجِيدٌ) لعظمته وإحاطته.
(فِي لَوْحٍ) هو القلب المحمدي (مَحْفُوظٍ) عن التبديل والتغيير وإلقاء الشياطين بالتخييل والتزوير هذا إذا حمل اليوم الموعود على القيامة الكبرى ، فأما إذا أوّل بالصغرى فمعناها : الروح ذات الأبدان للأرواح كالأبراج أو الحواس فإنها تخرج منها كالحمام من البروج وشاهد لعلمه وما عمل. وجواب القسم ليهلكنّ البدنيون ، قتل أصحاب الأخدود ، أي : أهلك القوى النفسانية الملازمة لأخدود البدن إذ هم عليها عاكفون وهم على ما يفعلون بمؤمني القوى الروحانية من الاستيلاء عليهم وحجبهم عن مقاصدهم الشريفة وكمالاتهم النفيسة واستعبادهم في أهوائهم وشهواتهم شهود بألسنة أحوالهم وما أنكر هذه القوى المحجوبة عن الكمالات المعنوية من الروحانيين إلا الإيمان بالله المجرّد عن الأين والجهة الغالب على المحجوبين بالقهر الحميد المنعم على المهتدين بالهداية المحتجب بظواهر ملك السموات والأرض الشهيد الظاهر على كل شيء. إن هؤلاء الفاتنين بالاستيلاء والاستخدام لمؤمني العقول ومؤمنات النفوس ثم لم يرجعوا بالرياضة واكتساب الملكات الفاضلة والانقياد لهم فلهم عذاب جهنم الآثار والطبيعة وعذاب حريق الشوق إلى المألوفات مع الحرمان عنها.إن الذين آمنوا الإيمان العلمي من الروحانيين وعملوا الصالحات من الفضائل والأخلاق الحميدة لهم جنّات من جنان الأفعال والصفات وهي جنات النفوس والقلوب. ذلك الفوز أي : النجاة من النار والوصول إلى المقصود الكبير بالنسبة إلى الحالة الأولى ، إن بطش ربك أي : أخذه للمحجوبين بالإهلاك والتعذيب لشديد ، فإنه هو يبدئهم ويهلكهم ثم يعيدهم للعذاب وهو الغفور للتائبين المؤمنين من الروحانيين يستر لهم ذنوب هيئات السوء بنور الرحمة الودود لهم بالمحبة الأزلية فيكرمهم بإفاضة الكمالات والفضائل ، ذو العرش المستولي على القلب المجيد المنوّر بنوره جميع القوى ، فعال لما يريد ، المتجلي بالأفعال على مظاهر الملك للقلب فيصحح مقام التوكل بالفناء في توحيد الأفعال ، والله تعالى أعلم.