سورة الأعلى
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) اسمه الأعلى والأعظم هو الذات مع جميع الصفات ، أي : نزّه ذاتك بالتجرّد عما سوى الحق وقطع النظر عن الغير ليظهر عليها الكمالات الحقانية بأسرها ، وهو تسبيحه الخاص به في مقام الفناء لأن الاستعداد التام القابل لجميع الصفات الإلهية لم يكن إلا له ، فذاته هو الاسم الأعلى عند بلوغ كماله ولكل شيء تسبيح خاص يسبح به اسما خاصا من أسماء ربّه.
[٢] (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢))
(الَّذِي خَلَقَ) أنشأ ظاهرك (فَسَوَّى) أي : عدل بنيتك على وجه قبلت بمزاجه الخاص الروح الأتم المستعدّ لجميع الكمالات.
[٣] (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣))
(وَالَّذِي قَدَّرَ) فيك الكمال النوعي التام (فَهَدى) إلى إبرازه وإظهاره وإخراجه إلى الفعل بالتزكية والتصفية.
[٤] (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤))
(وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) أي : زينة الحياة الدنيا ومنافعها ومآكلها ومشاربها فإنها مرعى النفس الحيوانية ومرتع بهائم القوى.
[٥] (فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥))
(فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) أي : سريع الفناء وشيك الزوال كالهشيم والحطام البالي المسودّ فلا تلتفت إليه ولا تشتغل به فيمنعك عن تسبيحك الخاص من تنزيه ذاتك وتجريدها فتحتجب به عن كمالك المقدّر فيك ولا تعد عيناك عنه إليه ، فإنه الفاني وذلك هو الباقي أبدا لا يزال.
[٦ ـ ٧] (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧))
(سَنُقْرِئُكَ) نجعلك قارئا لما في كتاب استعدادك الذي هو العقل القرآني من القرآن الجامع للحقائق فتذكره ولا تنساه أبدا (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أن ينسيك ويذهلك عنها فيدخر