سورة الغاشية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) الْغاشِيَةِ) الداهية التي تغشى الناس بشدائدها أي : القيامة الكبرى التي تغشى الذوات وتفنيها بنور التجلي الذاتي ، فينكشف الناس يوم إذ غشيت على من غشيته منقسمين أشقياء وسعداء ، والصغرى التي تغشى العقل بشدّة السكرات وتلبس المغشي أهوالها فيكون الناس يوم إذ غشيتهم إما أشقياء وإما سعداء.
[٢ ـ ٥] (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥))
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) أي : ذوات (خاشِعَةٌ) أي : ذليلة خائفة (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) تعمل دائبا أعمالا صعبة تتعب فيها كالهويّ في دركات النار والارتقاء في عقباتها وحمل مشاق الصور والهيئات المتعبة المثقلة من آثار أعمالها أو عاملة من استعمال الزبانية إياها في أعمال شاقة فادحة من جنس أعمالها التي ضريت بها في الدنيا وإتعابها فيها من غير منفعة لهم منها إلا التعب والعذاب (تَصْلى ناراً) من نيران آثار الطبيعة (حامِيَةً) مؤذية مؤلمة بحسب ما تزاولها في الدنيا من الأعمال (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) من الجهل المركب الذي هو مشربهم والاعتقاد الفاسد المؤذي.
[٦ ـ ٧] (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧))
(لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) الشبه والعلوم الغير المتنفع بها المؤذية كالمغالطات والخلافيات والسفسطة وما يجري مجراها (لا يُسْمِنُ) أي : لا يقوّي النفس (وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) ولا يسكن داعية النفس ونهم الحرص على تعلمها والمباحثة عنها ويمكن أن يحشر بعض الأشقياء على صور طعامهم الشبرق اليابس كالزقوم لبعضهم والغسلين لبعضهم.
[٨ ـ ١٦] (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١) فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦))
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) تظهر عليها نضرة النعيم من اللطافة والنورية لتجرّدهم (لِسَعْيِها) وجدّها في طريق البر واكتساب الفضائل والسير في الله (راضِيَةٌ) شاكرة لا تندم ولا تتحسر