سورة الفجر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٤] (وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)) أقسم بابتداء ظهور نور الروح على مادة البدن عند أول أثر تعلقه به (وَلَيالٍ عَشْرٍ) ومحال الحواس العشرة الظاهرة والباطنة التي تتعين عند تعلقه به لكونها أسباب تحصيل الكمال وآلاتها (وَالشَّفْعِ) أي : الروح والبدن عند اجتماعهما وتمام وجود الإنسان الذي يمكن به الوصول (وَالْوَتْرِ) أي : الروح المجرّد إذا فارق.
(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) أي : ظلمة البدن إذا ذهبت وزالت بتجرّد الروح فيكون الإقسام بالمبتدأ والمنتهى أو بالقيامة الكبرى وآثارها أي : والفجر الذي هو مبتدأ طلوع نور الحق وتأثيره في ليلة النفس وليال عشر من الحواس الراكدة الهادئة المظلمة المتعطلة عن أشغالها عند تجلي النور الإلهي والشفع الذي هو الشاهد والمشهود قبل تجلي الفناء التام حال المشاهدة في مقام الصفات ، والوتر أي : الذات الأحدية عند الفناء التام وارتفاع الاثنينية ، والليل أي : ظلمة الأنانية إذا ذهبت وزالت بزوال البقية أو بالقيامة الصغرى أي : فجر ابتداء ظهور نور الشمس الطالعة من مغربها. وليال عشر أي : الحواس المتكدّرة المظلمة عند الموت ، والشفع أي : الروح والبدن ، والوتر أي : الروح المفارق إذا تجرّد ، والليل إذا يسر ، والبدن إذا انقشع ظلامه عن الروح وزوال بالموت.
[٥ ـ ١٤] (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩))
(وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤))
(هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) استفهام في معنى الإنكار ، أي : هل عاقل يهتدي إلى الإقسام بهذه الأشياء ووجه تعظيمها بالقسم بها وحكمة انتظامها في قسم واحد وتناسبها فإن عقول أهل الدنيا المشوبة بالوهم لا تهتدي إلى ذلك. وجواب القسم ليعذبن المحجوبون لدلالة قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) إلى قوله : (لَبِالْمِرْصادِ) عليه أو في معنى التقرير أي : إنما يهتدي إلى ذلك أولو الألباب الصافية المجرّدة عن شوب الوهم. وجواب القسم :