سورة البلد
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣)) أقسم بالبلد الحرام الذي هو البلد القدسي النازل به رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو الأفق الأعلى والوادي المقدّس (وَأَنْتَ حِلٌ) مطلق (بِهذَا الْبَلَدِ) تفعل به ما تشاء غير مقيد بقيود صفات النفس والعادات (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) أي : روح القدس الذي هو الأب الحقيقي للنفوس الإنسانية كقول عيسى عليهالسلام : «إني ذاهب إلى أبي وأبيكم السماوي» ، وقوله : «تشبّهوا بأبيكم السماويّ». ونفسك التي ولدها هو أي : بروح القدس ونفسك الناطقة.
[٤] (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤))
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي) مكابدة ومشقة من نفسه وهواه أو مرض باطن وفساد قلب وغلظ حجاب إذ الكبد في اللغة غلظ الكبد الذي هو مبدأ القوة الطبيعية وفساده وحجاب القلب وفساده من هذه القوة فاستعير غلظ الكبد لغلظ حجاب القلب ومرض الجهل.
[٥ ـ ٧] (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧))
(أَيَحْسَبُ) لغلظ حجابه ومرض قلبه لاحتجابه بالطبيعة (أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) كثيرا ، أي : في المكارم للافتخار والمباهاة كقول العرب : خسرت عليه كذا ، إذا أنفق عليه يتفضل على الناس بالتبذير والإسراف ويحسبه فضيلة لاحتجابه عن الفضيلة وجهله ولهذا قال : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) أي : أيحسب أن لم يطلع الله تعالى على باطنه ونيته حين ينفق ماله في السمعة والرياء والمباهاة لا على ما ينبغي في مراضي الله وهي رذيلة على رذيلة فكيف تكون فضيلة.
[٨ ـ ١٠] (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠))
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) ألم ننعم عليه بالآلات البدنية التي يتمكن بها من اكتساب الكمال ليبصر ما يعتبر به ويسأل عما لا يعلم ويتكلم فيه (وَهَدَيْناهُ) إلى طريقي الخير والشر.
[١١ ـ ١٧] (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧))