سورة الليل
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣)) أقسم بليل ظلمة النفس إذا ستر نور الروح وبنهار نور الروح (إِذا تَجَلَّى) فظهر من اجتماعهما وجود القلب الذي هو عرش الرحمن فإن القلب يظهر باجتماع هذين له وجه إلى الروح يسمى الفؤاد يتلقى به المعارف والحقائق ووجه إلى النفس يسمى الصدر يحفظ به السرائر ويتمثل فيه المعاني والقادر العظيم القدرة الحكيم الباهر الحكمة الذي (خَلَقَ الذَّكَرَ) الذي هو الروح (وَالْأُنْثى) التي هي النفس فولد القلب.
[٤ ـ ٧] (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧))
(إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) أشتات مختلفة لانجذاب بعضكم إلى جانب الروح والتوجه إلى الخير لغلبة النورية وميل بعضكم إلى جانب النفس والانهماك في الشر لغلبة الظلمة وتفصيل ذلك في قوله : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) أي : آثر الترك والتجريد فرفض ما يشغله عن الحق وتركه بالسهولة واتقى عن هيئات النفس فجرّدها عن الميل إلى ما رفض والالتفات نحوه (وَصَدَّقَ) بالفضيلة (بِالْحُسْنى) التي هي مرتبة الكمال بالإيمان العلمي إذ لو لم يتيقن بوجود كمال كامل لم يمكنه الترقي (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) أي : فسنهيئه ونوفقه للطريقة اليسرى التي هي السلوك في الله لقطع علائقه وقوة يقينه.
[٨ ـ ١٠] (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠))
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) آثر محبة المال وجمعه ومنعه واستغنى به عن كسب الفضيلة لاحتجابه به عن الحق (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) بوجود مرتبة الكمال والفضيلة لاستغنائه بالحياة الدنيا واحتجابه بها عن عالم النور والآخرة (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) فسنهيئه بالخذلان للطريقة العسرى التي هي الانحطاط عن رتبة الفطرة إلى قعر الطبيعة ودركات أسفل سافلين مأوى الحشرات والديدان والحيلولة بينه وبين شهواته بالحرمان.
[١١] (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١))