سورة الانشراح
[١ ـ ٤] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤))
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) استفهام بمعنى إنكار انتفاء الشرح ليفيد ثبوته ، أي : شرحنا لك صدرك وذلك لأن الموحد في مقام الفناء محجوب بالحق عن الخلق لفنائه وضيق الفاني عن كل شيء إذ العدم لا يقبل الوجود كما كان قبل الفناء محجوبا بالخلق عن الحق لضيق وعائه الوجودي وامتناع قبول وجود التجلي الذاتي الإلهي ، فإذا ردّ إلى الخلق بالوجود الحقاني الموهوب ورجع إلى التفصيل وسع صدره الحق والخلق لكونه وجودا حقيا وذلك انشراح الصدر أي : شرحناه بنورنا للدعوة والقيام بحقائق الأنباء والوزر الذي يحمل ظهره على النقيض وهو صوت الكسر ، أي : يكسره بثقله هو وزر النبوّة والقيام بأعبائها لأنه في مقام الشهود لم يجد للخلق وجودا فضلا عن الفعل ولم يفرق بين فعل وفعل لشهوده لأفعاله تعالى ، فكيف يثبت خيرا وشرّا ويأمر وينهى وهو لا يرى إلا الحق وحده فإذا ردّ إلى مقام النبوة عن مقام الولاية وحجب بحجاب القلب ثقل ذلك عليه وكاد أن يقصم ظهره لاحتجابه عن الشهود الذاتي حينئذ ، فوهب التمكين في مقام البقاء حتى لم يحتجب بالكثرة عن الوحدة وشاهد الجمع في عين التفصيل ، ولم يغب عن شهوده بالدعوة وذلك هو شرح الصدر وهو بعينه وضع الوزر المذكور ورفع الذكر لأن الفاني في الجمع لا يكون شيئا فضلا عن أن يكون مذكورا ، ولو بقي في عين الجمع لما صح محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد قولنا : لا إله إلا الله لفنائه ولما تمّ الإسلام لصحته بهما.
[٥ ـ ٦] (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦))
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ) أي : الاحتجاب الأول بالخلق عن الحق (يُسْراً) وأيّ يسر هو كشف الذات ومقام الولاية (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ) أي : الاحتجاب الثاني بالحق عن الخلق (يُسْراً) وأيّ يسر هو شرح الصدر بالوجود الموهوب الحقاني ومقام النبوة.
[٧ ـ ٨] (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨))