سورة والتين
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣))
(وَالتِّينِ) أي : المعاني الكلية المنتزعة عن الجزئيات التي هي مدركات القلب ، شبّهها بالتين لكونها غير مادية معقولة صرفة مطابقة لجزئياتها مقوية للنفس لذيذة كالتين الذي لا نوى له بل هو لبّ كله مشتمل على حبات كالجزئيات التي هي في ضمن الكليات ، مسمن للبدن فيه غذائية وتفكه (وَالزَّيْتُونِ) أي : المعاني الجزئية التي هي مدركات النفس شبهها بالزيتون لكونها مادية معدّة للنفس لإدراك الكليات كالزيتون الذي له نوى وهو دابغ لآلات الغذاء مثله (وَطُورِ سِينِينَ) أي : الدماغ الذي هو معدن الحس والتخيل المرتفع من أرض البدن كالجبل (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) أي : القلب الحافظ ما فيه من المعاني الكلية أو المأمون فساده وفناؤه لتجرّده عن اختلاف الاشتقاق من الأمانة والأمن.
أقسم بما يحصل به كمال الإنسان ووجوده من المعاني الكلية والجزئية والقلب والنفس أي : المدركين ومدركاتهما تعظيما للإنسان وإظهارا لشرفه وتكريما على أنه خلق الإنسان.
[٤] (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤))
(فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) أي : تعديل من جمع الظلمة والنور فيه والجمع بين الأضداد والموافقة بينها وجعله واسطة بين العالمين جامعا لهما ، وتسوية خلقه وخلقه وتحسين صورته ومعناه : في أعدل مزاج وأكمل نوع وأفضل مخلوق.
[٥] (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥))
(ثُمَّ رَدَدْناهُ) لاحتجابه بالظلمة عن النور والوقوف مع رذائل الأخلاق والإعراض عن الفضائل (أَسْفَلَ) من سفل خلقا ورتبة من أهل الدركات ، وأقبح من قبح صورة وتركيبا وأشوهه خلقة وشكلا ومنظرا وهم أصحاب النار في سجين الطبيعة.
[٦ ـ ٧] (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧))
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بتغليب نور القلب على ظلمة النفس والكلي عن الجزئي ، وكسبوا