سورة القدر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ليلة القدر هي البنية المحمدية حال احتجابه عليهالسلام في مقام القلب بعد الشهود الذاتي لأن الإنزال لا يمكن إلا في هذه البنية في هذه الحالة ، والقدر هو خطره عليهالسلام وشرفه إذ لا يظهر قدره ولا يعرفه هو إلا فيها ، ثم عظمها بقوله : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) أي : أيّ شيء عرفت كنه قدرها وشرفها.
[٣ ـ ٤] (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤))
(خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) قد مرّ أن اليوم يعبر به عن الحادث كقوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) (١) فلكل كائن يوم ، وإذا بنى على هذه الاستعارة كان كل نوع شهرا لاشتماله على الأيام والليالي اشتمال النوع على الأشخاص ، وكل جنس سنة لاشتمالها على الشهور اشتمال الجنس على الأنواع ، والألف هو العدد التام الذي لا كثرة فوقه إلا بالتكرار والإضافة ، فيكنى به عن الكل ، أي : هذا الشخص وحده خير من كل الأنواع. ثم بيّن وجه تفضيله وسبب خيريته فقال : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أي : القوة الروحانية والنفسانية بل الملكوت السماوية والأرضية والروح (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) أي : من جهة كل أمر هو معرفة جميع الأشياء ووجوداتها وذواتها وصفاتها وخواصها وأحكامها وأحوالها وتدبيرها وتسخيرها.
[٥] (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥))
(سَلامٌ هِيَ) سلامة عن جميع النقائص والعيوب (حَتَّى) وقت طلوع فجر الشمس الطالعة من مغربها وقرب الموت ، فحينئذ لا تكون سلامة أي سالمة أو سلام في نفسها لكثرة السلام عليها من الله والملائكة والناس أجمعين.
__________________
(١) سورة إبراهيم ، الآية : ٥.