سورة القارعة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣))
(الْقارِعَةُ) الداهية التي تقرع الناس وتهلكهم وهي إما القيامة الكبرى أو الصغرى ، فإن كانت الكبرى فمعناها الحالة التي تفني المقروع من تجلي الذات الأحدية وإفناء البشرية بالكلية وهي حالة لا يعرف كنهها ولا يقدر قدرها ، تقرعهم.
[٤ ـ ٥] (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥))
(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ) أي : يكونون في ذلك الشهود في الذلة وتفرّق الوجهة كالفراش المنتثر وأحقر وأذلّ لأنه لا قدر ولا وقع لهم في عين الموحد كقوله : لن يكمل إيمان المرء حتى يكون الناس عنده كالأباعر أو كالفراش (الْمَبْثُوثِ) إذا احترق وانبثّ بالنار لنظره إليهم بعين الفناء.
(وَتَكُونُ الْجِبالُ) أي : الأكوان ومراتب الوجود على اختلاف أصنافها وأنواعها (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) لصيرورتها هباء منبثّا وانتقاعها وتلاشيها بالتجلي وإن كان المراد بالناس المقروعين من أهل الكبرى فمعناها : كالفراش المبثوث المحترق بنور التجلي المتلاشي لا غير ، وتكون الجبال أي : ذواتهم وصفاتهم مع اختلاف مراتبها وألوانها كالعهن المنفوش في التلاشي ، إلا أن قوله : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨)) لا يساعده لانتفاء التفصيل هناك. واعلم أن ميزان الحق بخلاف ميزان الخلق ، إذ صعود الموزونات وارتفاعها فيه هو الثقل وهبوطها وانحطاطها هو الخفّة لأن ميزانه تعالى هو العدل والموزونات الثقيلة أي : المعتبرة الراجحة عند الله التي لها قدر ووزن عنده هي الباقيات الصالحات ولا ثقل أرجح من البقاء الأبديّ ، والخفيفة التي لا وزن لها ولا قدر ولا اعتبار عند الله هي الفانيات الفاسدات من اللذات الحسية والشهوات. ولا خفّة أخفّ من الفناء الصرف.
[٦ ـ ٧] (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧))