سورة التكاثر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) أي : شغلتكم اللذات الحسيّة والخيالية الفانية من نعيم الحياة الدنيا التي احتجبتم بها وحبستم كمالكم فيها وأذهبتم طيباتكم من نور الاستعداد وصفاء الفطرة والعقل والمعقولات فيها عن اللذات العقلية والكمالات المعنوية الباقية من نعيم الآخرة وذهب بكم المفاخرة والمباهاة بهذه الأمور الفانية من كثرة الأموال والأولاد وشرف الآباء والأجداد كل مذهب (حَتَّى) ما اكتفيتم بالموجودات منها وارتكبتم المفاخرة بالمعدومات السالفة من العظام البالية لشدة الحجاب وغلبة لذة الخيال وسلطنة شيطان الوهم أو حتى متم وأفنيتم عمركم فيها وما تنبهتم طول عمركم على ما هو سبب نجاتكم.
[٣ ـ ٤] (كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤))
(كَلَّا) ردع عن الاشتغال بها وتنبيه على وخامة عاقبتها (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) عند خراب الأبدان وكشف غطاء الأكوان حين لا ينفعكم العلم لانعدام الأسباب والآلات التي يمكن بها الاستكمال بالموت وخامة عاقبة الاشتغال بهذه الحسيّات والوهميات السريعة الزوال العظيمة الوبال لبقاء تبعاتها وتعذبكم بهيئاتها واستيلاء نار آثارها (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) تكرار للوعيد.
[٥ ـ ٦] (كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦))
(كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) أي : لو ذقتم اللذات الحقيقية من العلوم اليقينية والإدراكات النوانية المستعلية على هذه الحسيات والخياليات الفانية لكان ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والتحسر على فوات العمر العزيز فيها والذهول عنها بها (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) أي : والله لترونّ بسبب احتجابكم بهذه المحسوسات نار جحيم الطبيعة الآثارية.
[٧ ـ ٨] (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨))
(ثُمَ) لتذوقنها عيانا يقينيا بالذوق والوجدان فوق العلم (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) أي : شيء هو الدنيوي ولذاته الفانية الذي هذه عاقبته ومآله وتبعته ، أم الأخروي الباقي أبدا