سورة الفيل
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) قصة أصحاب الفيل مشهورة وواقعتهم كانت قريبة من عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهي إحدى آيات قدرة الله وأثر من سخطه على من اجترأ عليه بهتك حرمه وإلهام الطيور والوحوش أقرب من إلهام الإنسان لكون نفوسهم ساذجة وتأثير الأحجار بخاصية أودعها الله تعالى فيها ليس بمستنكر ، ومن اطلع على عالم القدرة وكشف له حجاب الحكمة عرف لمية أمثال هذه ، وقد وقع في زماننا مثلها من استيلاء الفأر على مدينة ابيورد وإفساد زروعهم ورجوعها في البرية إلى شطّ جيحون وأخذ كل واحدة منها خشبة من الأيكة التي على شطّ نهرها وركوبها عليها وعبورها بها من النهر وهي لا تقبل التأويل كأحوال القيامة وأمثالها. وأما التطبيق فاعلم أن أبرهة النفس الحبشية لما قصد تخريب كعبة القلب الذي هو بيت الله بالحقيقة والاستيلاء عليها وأراد أن يصرف حجاج القوى الروحانية إلى قلس الطبيعة الجسمانية التي بناها وأراد تعظيمها فخرا فيها قرشي العاقلة العملية بإلقاء فضلة الغذاء العقلي فيها من صور التأديب المخصوص بالأمور الطبيعية كالعادات الجميلة والآداب المحمودة أوقع فيها شرارا من نار الشوق التي أوقدها عير قريش القوى الروحانية فأحرقها بالرياضة فساق جنوده وعبى جيوشه من جنس القوى النفسانية وصفاتها الظلمانية بالطبع كالغضب والشهوة وأمثال ذلك ، وقدّم فيل شيطان الوهم الذي لا ينهزم عن جنود العقل ويعارضه في الحرب والشيطان أكثر ما يتشكل يكون بصورة الفيل كما رآه معاذ في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولهذاقال عليهالسلام : «إن الشيطان ليضع خرطومه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس». جعل الله كيدهم في تضييع.
[٣ ـ ٥] (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥))
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ) طيور الأفكار والأذكار بيضاء منوّرة بنور الروح (أَبابِيلَ) أي : خرابق جماعات كصور القياسات وكثرة الأذكار (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) أي : رياضة مما سجل وخص بكل واحد منهم كتب على كل واحد منها اسم المرمي بها بقلم الشرع والعقل وعين