سورة الكافرون
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) الذين ستروا نور استعدادهم الأصلي بظلمة صفات النفوس وآثار الطبيعة ، فحجبوا عن الحق بالغير (لا أَعْبُدُ) أبدا وأنا شاهد للحق بالشهود الذاتي (ما تَعْبُدُونَ) من الآلهة المجعولة بهواكم ، المصوّرة بخيالكم والممثلة المعينة بعقولكم لمكان حجابكم.
[٣ ـ ٥] (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥))
(وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) أبدا وأنتم أنتم أي : على حالكم وما أنتم عليه من احتجابكم (ما أَعْبُدُ) لامتناع معرفة الحق من الذين طبع على قلوبهم بالرين (وَلا أَنا) قط (عابِدٌ) في الزمان الماضي قبل الكمال والوصول التام بحسب الاستعداد الأول والفطرة الأولى أي : الذات المجرّدة وحدها (ما عَبَدْتُّمْ) فيه بحسب استعداداتكم الأوّلية قبل الاحتجاب والرين لكمال استعدادي في الأزل وتوجهه إلى الحق في الفطرة ونقصان استعداداتكم أزلا (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) بحسب ذلك الاستعداد (ما أَعْبُدُ) أي : ولا يمكنكم عبادة معبودي بحسب الفطرة لنقصها الذاتي ، والحاصل إن عبادتي معبودكم وعبادتكم معبودي على الحال التي نحن فيها من الاستعداد الثاني الذي هو كمالي واحتجابكم كلاهما محال في الحال والاستقبال ، وكذا قبل هذا الاستعداد حال الاستعداد الأولي أيضا بحسب الذوات والأعيان أنفسها كان غير ممكن في الأزل لوفور استعدادي وقصور استعداداتكم ، ومعناه : سلب الإمكان الاستقبالي والوصفي والذاتي والأزلي ليفيد ضرورة السلب الأزلية.
[٦] (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦))
(لَكُمْ دِينُكُمْ) من عبادة معبوداتكم (وَلِيَ دِينِ) من عبادة معبودي أي : لما لم يمكن الوفاق بيننا تركتكم ودينكم فاتركوني وديني ، والله أعلم.