سورة النصر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) أي : المدد الملكوتي والتأييد القدسي بتجليات الأسماء والصفات (وَالْفَتْحُ) المطلق الذي لا فتح وراءه وهو فتح باب الحضرة الأحدية والكشف الذاتي بعد الفتح المبين في مقام الروح بالمشاهدة ٨
[٢] (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢))
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ) أي : التوحيد والسلوك على الصراط المستقيم بتأثير نورك فيهم عند فراغك من تكميل نفسك (أَفْواجاً) مجتمعين كأنهم نفس واحدة تستفيض من فيض ذاتك قائمة مقام نفسك وهم المستعدّون الذين كانت بين نفسه عليهالسلام وأنفسهم علاقة مناسبة ورابطة جنسية توجب اتصالهم به بقبول فيضه.
[٣] (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣))
(فَسَبِّحْ) أي : نزّه ذاتك من الاحتجاب بمقام القلب الذي هو معدن النبوّة بقطع علاقة البدن والترقي إلى مقام حق اليقين الذي هو معدن الولاية (بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي : حامدا له بإظهار كمالاته وأوصافه التامة عند التجريد بالحمد الفعلي (وَاسْتَغْفِرْهُ) واطلب ستره ذاتك بذاته كما كان حال الفناء قبل الرجوع إلى الخلق أبدا (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) قابلا لرجوع من رجع إليه بإفنائه بنوره ، ولما كمل الدين واستقرّت دعوته التي كانت بعثته لأجلها أمره بالرجوع إلى مقام حق اليقين الذي لا يستمر إلا بعد الموت ، ولذلك لما نزلت فقرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم استبشر الأصحاب وبكى ابن عباسفقال صلىاللهعليهوسلم : «ما يبكيك؟» قال : نعيت إليك نفسك! فقال عليهالسلام : «لقد أوتي هذا الغلام علما كثيرا». وروى أنها لما نزلت خطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنّ عبدا خيّره الله بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء الله» ، فعلم أبو بكر رضي الله عنه فقال : فديناك بأنفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا. وعنه أنه دعا فاطمة عليهاالسلام فقال : «يا بنتاه! نعيت إليّ نفسي» فبكت ، فقال : «لا تبكي فإنك أول أهلي لحوقا بي» ، فضحكت. وتسمى هذه السورة (سورة التوديع) ، وروي أنه عاش بعدها سنتين ونزلت في حجة الوداع.