سورة الإخلاص
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قل ، أمر من عين الجمع وارد على مظهر التفصيل هو عبارة عن الحقيقة الأحدية الصرفة أي : الذات من حيث هي بلا اعتبار صفة لا يعرفها إلا هو ، والله بدل منه وهو اسم الذات مع جميع الصفات دال بالإبدال على أن صفاته تعالى ليست بزائدة على ذاته بل هي عين الذات لا فرق إلا بالاعتبار العقلي ولهذا سميت سورة (الإخلاص) لأن الإخلاص تمحيص الحقيقة الأحدية عن شائبة الكثرة ، كماقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» ، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، وإياه عنى من قال : صفاته تعالى لا هو ولا غيره ، أي : لا هو باعتبار العقل ولا غيره بحسب الحقيقة. وأحد : خبر المبتدأ ، والفرق بين الأحد والواحد أن الأحد هو الذات وحدها بلا اعتبار كثرة فيها أي : الحقيقة المحضة التي هي منبع العين الكافوري بل العين الكافوري نفسه وهو الوجود من حيث هو وجود بلا قيد عموم وخصوص وشرط عروض ولا عروض ، والواحد هو الذات مع اعتبار كثرة الصفات وهي الحضرة الأسمائية لكون الاسم هو الذات مع الصفة فعبر عن الحقيقة المحضة الغير المعلومة إلا له ب «هو» ، وأبدل عنها الذات مع جميع الصفات دلالة على أنها عين الذات وحدها في الحقيقة وأخبر عنها بالأحدية ليدلّ على أن الكثرة الاعتبارية ليست بشيء في الحقيقة وما أبطلت أحديته وما أثرت في وحدته ، بل الحضرة الواحدية هي بعينها الحضرة الأحدية بحسب الحقيقة كتوهم القطرات في البحر مثلا.
[٢ ـ ٤] (اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤))
(اللهُ الصَّمَدُ) أي : الذات في الحضرة الواحدية بحسب اعتبار الأسماء هو السند المطلق لكل الأشياء لافتقار كل ممكن إليه وكونه به فهو الغني المطلق المحتاج إليه كل شيء كما قال : (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) (١). ولما كان كل ما سواه موجودا بوجوده ليس بشيء في
__________________
(١) سورة محمد ، الآية : ٣٨.