معبوده (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) من ألم الاحتجاب وشدّة العذاب واستيلاء نيران الأشواق وطول مدة الحرمان والفراق (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) كلام الحق والملائكة لتكاثف الحجاب وشدّة طرق مسامع القلب لقوّة الجهل كما لا يبصرون الأنوار لشدّة انطباق الظلمة وعمى البصيرة.
[١٠١ ـ ١٠٣] (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣))
(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا) السعادة (الْحُسْنى) وحكمنا بسعادتهم في القضاء السابق (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) لتجرّدهم عن الملابس النفسانية والغشاوات الطبيعة (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) لبعدهم عنها في الرتبة (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ) ذواتهم من الجنات الثلاث وخصوصا المشاهدات في جنة الذات (خالِدُونَ* لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) بالموت في القيامة الصغرى ولا بتجلي العظمة والجلال في القيامة الكبرى (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت بالبشارة أو عند البعث النفساني بالسلامة والنجاة ، أو في القيامة الوسطى والبعث الحقيقي بالرضوان أو عند الرجوع إلى البقاء بعد الفناء حال الاستقامة بالسعادة التامّة.
[١٠٤] (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤))
(يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ) أي : لا يحزنهم يوم نطوي سماء النفس بما فيها من صور الأعمال وهيئات الأخلاق في الصغرى (كَطَيِ) الصحيفة للمكتوبات التي فيها ، أي : كما تطوى ليبقى ما فيها محفوظا ، أو سماء القلب بما فيها من العلوم والصفات والمعارف والمعقولات ما فيها محفوظا ، أو سماء القلب بما فيها من العلوم والصفات والمعارف والمعقولات في الوسطى ، أو سماء الروح بما فيها من العلوم من المشاهدات والتجليات في الكبرى (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) بالبعث في النشأة الثانية على الأول أو بالرجوع إلى الفطرة الأولى على الثاني أو بالبقاء بعد الفناء على الثالث.
[١٠٥ ـ ١١٢] (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٦) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧) قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (١١٠) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (١١١) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١١٢))
(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي) زبور القلب (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) في اللوح أن أرض البدن يرثها القوى