الكمالات والأعمال ، ولو لنفس الكمال والتزين به فإنه حجاب (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) بالنظر إلى ما سواه والالتفات في طريقه إلى ما عداه. (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) بالوقوف مع شيء والميل إليه (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ) سماء الروح (فَتَخْطَفُهُ) طير الدواعي النفسانية والأهواء الشيطانية فتمزقه قطعا جذاذا (أَوْ تَهْوِي بِهِ) ريح هوى النفس في (مَكانٍ) بعيد من الحق ومهلكة عمياء متلفة (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) من النفوس المستعدّة المسوقة نسائق التوفيق في سبيل الله ليهدي بها لوجه الله ، فإنّ تعظيمها بتحصيل كمالها من أفعال ذي القلوب المتّقية المجرّدة عن الصفات النفسانية والهيئات الظلمانية.
[٣٣] (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣))
(لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) من الأعمال والأخلاق والكمالات العلمية والعملية (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو الفناء في الله بالحقيقة (ثُمَّ مَحِلُّها) حدّ سوقها وموضع وجوب نحرها بالوصول إلى حرم الصدر عند كعبة القلب إلى مقام السرّ ، وترقي النفس إلى مقامه ، فانية عن حياتها وصفاتها.
[٣٤] (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤))
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) من القوى (جَعَلْنا) عبادة مخصوصة بها (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) بالاتصاف بصفاته التي هي مظاهرها في التوجه إلى التوحيد (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ) الكمال بواسطة (بَهِيمَةِ) النفس التي هي من جملة (الْأَنْعامِ) أي : النفوس السليمة (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فوحدوه بالتوجه نحوه من غير التفات إلى غيره ، وخصّصوه بالانقياد والطاعة ولا تنقادوا إلا له (وَبَشِّرِ) المنكسرين المتذللين القابلين لفيضه.
[٣٥] (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥))
(الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ) بالحضور (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) انفعلت لقبول فيضه (وَالصَّابِرِينَ) الثابتين (عَلى ما أَصابَهُمْ) من المخالفات والمجاهدات (وَالْمُقِيمِي) صلاة المشاهدة (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الفضائل والكمالات (يُنْفِقُونَ) بالفناء في الله والإفاضة على المستعدين.
[٣٦] (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦))
(وَالْبُدْنَ) أي : النفوس الشريفة العظيمة القدر (جَعَلْناها) من الهدايا المعلمة لله (لَكُمْ