فِيها خَيْرٌ) سعادة وكمال (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها) بالاتّصاف بصفاته وإفناء صفاتكم فيه ، وذلك هو النحر في سبيل الله (صَوافَ) قائمات بما فرض الله عليها ، مقيدات بقيود الشريعة ، وآداب الطريقة ، واقفات عن حركاتها واضطراباتها (فَإِذا) سقطت عن هواها الذي هو حياتها وقوّتها التي بها تستقل وتضطرب بقتلها في الله (فَكُلُوا) استفيدوا من فضائلها وأفيدوا المستعدّين والطالبين المتعرّضين للطلب من المريدين (كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ) بالرياضة (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة الاستعداد والتوفيق باستعمالها في سبيل الله.
[٣٧] (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧))
(لَنْ يَنالَ اللهَ) لحوم فضائلها وكمالاتها ولا إفناؤها بإزالة أهوائها التي هي دماؤها (وَلكِنْ يَنالُهُ) التجرّد (مِنْكُمْ) عنها وعن صفاتها. فإن سبب الوصول هو التجرّد والفناء في الله ، لا حصول الفضائل مكان الرذائل. مثل ذلك التسخير بالرياضة (سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ) بالفناء فيه عنها وعن كل شيء على النحو الذي هداكم إليه بالتجريد والتفريد والسلوك في الطريقة إلى الحقيقة. (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) الشاهدين في العبودية عن البقاء والفناء حال الاستقامة والتمكين.
[٣٨] (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨))
(إِنَّ اللهَ يُدافِعُ) ظلمة القوى النفسانية بالتوفيق (عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) من القوى الروحانية (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ) من القوى التي لم تؤدّ أمانة الله من كمالها المودع فيها بالطاعة فيها وخانت القلب بالغدر وعدم الوفاء بالعهد (كَفُورٍ) باستعمال نعمة الله في معصيته.
[٣٩ ـ ٤٠] (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠))
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) الوهم والخيال وغيرهما من القوى الروحانية المجاهدين مع القوى النفسانية بسبب (بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) باستيلاء صفات النفس واستعلائها (الَّذِينَ) أي : المظلومين الذين (أُخْرِجُوا) من مقارّهم ومناصبهم باستخدامها واستعبادها في طلب الشهوات واللذّات البدنية (بِغَيْرِ حَقٍ) لهم عليهم موجب لذلك إلا للتوحيد الموجب للتعظيم والتمكين والتوجه إلى الحق والإعراض عن الباطل.