(وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ) ناس القوى النفسانية (بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) كدفع الشهوانية بالغضبية وبالعكس ، أو ناس القوى مطلقا كدفع النفسانية بالروحانية ودفع الوهمية بالعقلية والنفسانية بعضها ببعض كما ذكر (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) رهبان السرّ وخلواتهم (وَبِيَعٌ) نصارى القلب ومحال تجلياتهم (وَصَلَواتٌ) يهود الصدور ومتعبداتهم (وَمَساجِدُ) مؤمني الروح ومقامات مشاهداتهم وفنائهم في الله (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ) الأعظم بالتخلق بأخلاقه والاتّصاف بصفاته والتحقق بأسراره والفناء في ذاته (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ) يقهر بنوره من بارزه بوجوده وظهوره (عَزِيزٌ) يغلب من ماثله باستعلائه وجبروته.
[٤١ ـ ٥١] (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢))
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) بالاستقامة بالوجود الحقاني (أَقامُوا) صلاة المراقبة والمشاهدة (وَآتَوُا) زكاة العلوم الحقيقية والمعارف اليقينية من نصاب المكاشفة مستحقيها من الطلبة (وَأَمَرُوا) القوى النفسانية والنفوس الناقصة (بِالْمَعْرُوفِ) من الأعمال الشرعية والأخلاق المرضية في مقام المشاهدة ، ونهوهم (عَنِ الْمُنْكَرِ) من الشهوات البدنية واللذات الحسيّة والرذائل المردية والمعاملة (وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) بالرجوع إليه.
الفرق بين النبيّ والرسول ، أن النبيّ هو الواصل بالفناء في مقام الولاية ، الراجع بالوجود الموهوب إلى مقام الاستقامة متحققا بالحق ، عارفا به ، متنبئا عنه وعن ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه بأمره ، مبعوثا للدّعوة إليه على شريعة المرسل الذي تقدّمه غير مشرّع لشريعة ولا واضع لحكم وملّة ، مظهرا للمعجزات ، منذرا أو مبشّرا للناس كأنبياء بني إسرائيل إذ كلهم كانوا داعين إلى دين موسى عليهالسلام غير واضعين لملّة وشريعة ، ومن كان ذا كتاب كداود عليهالسلام كان كتابه حاويا للمعارف والحقائق والمواعظ والنصائح دون الأحكام والشرائع.