سورة الفرقان
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) تَبارَكَ الَّذِي) أي : تكاثر خير الذين (نَزَّلَ الْفُرْقانَ) وتزايد ، لأن إنزال الفرقان هو إظهار العقل الفرقاني المخصوص بعبده المخصوص به بانفراده من جملة العالمين بالاستعداد الكامل الذي لم يكن لأحد مثله ، فيكون عقله الفرقاني هو العقل المحيط المسمى عقل الكل ، الجامع لكمالات جميع العقول ، وذلك إنما يكون بظهوره تعالى في مظهره المحمدي بجميع صفاته المفيض بها على جميع الخلائق على اختلاف استعداداتهم ، وذلك الظهور هو تكثر الخير وتزايده الذي لم يمكن أزيد ولا أكثر منه ، ولذلك قال : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) أي : على العموم ، فإن كل نبيّ غيره كانت رسالته مخصوصة بمن ناسب استعداده من الخلائق ، ورسالته عليهالسلام عامة للكل ، وهو بعينه معنى ختم النبوّة ومن هذا تبين كون أمته خير الأمم.
[٢ ـ ٥] (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً (٤) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥))
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يقهرهما تحت ملكوته ، أوجد كل شيء موسوما ، يتعين بسمة الإمكان ، ويشهد عليه بالعدم (فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) على قدر قبول بعض صفاته ومظهرية بعض كمالاته دون بعض ، أي : هيأ استعداداتهم لما شاء من كمالاتهم التي هي صفاته.
[٦ ـ ١٢] (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦) وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ