الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦٤) [يونس : ٦٤] روي مرفوعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أن البشرى في الدنيا هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له (١).
وأما البشرى في الآخرة فقيل : رؤية الله ـ عزوجل ـ كالزيادة في (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٦) [يونس : ٢٦] والأشبه أنها قول الملائكة. (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت : ٣٠].
(قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٦٨) [يونس : ٦٨] إشارة إلى أن الولد إنما يكون لافتقار إلى نصرته من ذلة أو التكثر به من قلة ، والله ـ عزوجل ـ غني بذاته من كل جهة عما سواه ، وأشار بأن لهما في السماوات ، وما في الأرض إلى أمرين :
أحدهما : بيان مستند غناه الذي أثبته لنفسه.
والثاني : منافاة الملكية للولدية ، كما سبق في البقرة.
والغني هو الذي لا يحتاج في وجوده ولا دوامه ولا في كماله إلى غيره ، وقيل : هو من لا مزاج له يحتاج لتغيره إلى ما يحتاج إليه ذوات الأمزجة.
(إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا) [يونس : ٦٨] أي لا حجة عندكم على اتخاذه ولدا ، وهو يقتضي أن ما لا حجة عليه ، لا يثبت.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) (٧١) [يونس : ٧١] يستشهد به على أن الإجماع لغة هو الاتفاق / [٢٢٥ / ل] والعزم ، إذ المعنى اتفقوا واعزموا على ما تريدون.
__________________
(١) أخرجه أحمد [٢٧٦٦٣] [٦ / ٤٥٢] وأيضا [٢٧٦٢٧] [٦ / ٤٤٧] وابن جرير [١١ / ١٣٥] ـ [١١ / ١٣٤] وابن أبي شيبة في المصنف [٧ / ٢٣٠] والبيهقي في الشعب [٤ / ٤٧٥١] وعلقه ابن عبد البر في التمهيد [٥٩ / ٥] وأخرجه أحمد [٢٧٦٢٨] [٦ / ٤٤٧].