أنه خلق النور قبل الزمان الحقيقي ، ثم أخبر بأنه خلقه في زمان وهو الأربعاء ؛ ويلزم أن ذلك الزمان التقديري ذهني لا حقيقي خارجي.
الوجه الثاني : أن الزمان من لوازم الفعل ، ولذلك دل عليه بالالتزام ، ثم إنه يصح أن يقال : خلق الله الزمان فيجب أن يكون خلقه إياه في زمان تقديري ، وإلا لكان في زمان خارجي ، فيلزم وجوده قبل وجوده ، وأنه محال.
(خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٠٧) [هود : ١٠٧] في أهل النار والجنة ، وقد استشكل هذا الاستثناء ، ولبعضهم فيه تصنيف مفرد ، والذي يتجه أن يقال فيه : أما في أهل النار فمعناه : إلا ما شاء الله من مقامهم في البرزخ أو في حال الحياة أو فيهما ، فإن ذلك كله في مدة دوام السماوات والأرض وليسوا حينئذ في النار ، أو معناه إلا ما شاء الله من مقامهم في الزمهرير فإنهم يستغيثون من النار ، فيخرجون إلى الزمهرير يعذبون به وهو البرد الشديد ، وهم حينئذ ليسوا في النار ، وأما في أهل الجنة فيحتمل إلا ما شاء الله من حضورهم في حظيرة القدس عند رؤية الرب ـ عزوجل ـ كل جمعة أو في أوقات الرؤية ، وذلك المقام خارج عن الجنة ثم يعودون إليها ، ويحتمل إلا : ما شاء الله من تنزههم في أقطار الملكوت فإنه واسع ، والجنة جزء يسير منه فيتنزهون فيه / [١٠٩ أ] ثم يعودون كما يخرج الناس من بساتينهم [للقاء ملوكهم ، والسّلام عليهم والتشرف برؤيتهم ، وكما يخرج الملوك من بساتينهم] للصيد ونحوه ، ثم يعودون إليها ، ويحتمل غير ذلك مما في علم الله ـ عزوجل ـ مما أراد بكلامه.
(فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١١٢) [هود : ١١٢] كلمة / [٢٣٥ / ل] جامعة لخصال الإيمان والإسلام والإحسان ، تقتضي فعل كل مأمور وترك كل محظور ، ومن ثم قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «شيبتني هود وأخواتها» (١) أما هود فبهذه الكلمة ؛ لأنه خاف ألا يقوم بموجبها ، وألا يفي بها ، و [أما] أخواتها فسورة التكوير ، والانفطار ، والانشقاق ؛ لتضمنهن حكاية أمر الآخرة وأهوال القيامة ، ولذلك قال صلىاللهعليهوسلم : «من
__________________
(١) رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن [٣٢٩٣] وفي الشمائل [٤١] وأخرجه ابن سعد في الطبقات [١ / ٣٣٥] والمروزي في مسند أبي بكر [٣٠] والدارقطني في العلل [١ / ٢٠٠] وأبو نعيم في الحلية [٤ / ٣٥٠] وصححه الحاكم على شرط البخاري [٢ / ٣٤٤].