فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٣٢) [الفرقان : ٣٢] تضمنت شبهة على الرسالة وجوابها.
أما الشبهة فتقريرها : لو كان هذا الرسول صادقا لنزل عليه القرآن جملة واحدة كتوراة موسى ، لكنه يخترعه من عنده شيئا فشيئا على حسب ما يريده ويرد عليه من الحوادث.
وجوابه : ليس كما ذكرتم ، بل لتنزيله مفرقا حكمة من وجوه : أحدها : تثبيت فؤاد الرسول صلىاللهعليهوسلم باتصال نزول الوحي عليه. / [١٤٨ ب / م].
والثاني : ترتيله في التنزيل ليتأدب بذلك في التلاوة (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (٤) [المزمل : ٤].
والثالث : أن الكفار متى أوردوا إشكالا أو شبهة أو أتوا بسؤال أو مثل ـ كان جوابهم بالمرصاد نأتيك به ، وما ذكرتم من أنه لو كان صادقا لجاء بالقرآن جملة واحدة ـ منتقض طردا وعكسا في الواقع أو في التقدير ؛ إذ رب من جاء بكتاب جملة وهو كاذب كالمتنبئين بالباطل ، ورب من جاء بكتاب مفرقا وهو صادق ، فليس ما ذكرتموه بلازم.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) (٣٥) [الفرقان : ٣٥] يحتج به الشيعة كما سبق في «طه» : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) (٢٩) [طه : ٢٩].
(أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) (٤٥) [الفرقان : ٤٥] هذه آية أرضية تابعة لآية سماوية ، نبه الله ـ عزوجل ـ عليها ؛ لأن حركة الظل وامتداده تابعة لحركة الشمس وغيرها من النيرات ، ولما كانت حركته بحركة الشمس مثلا كان سكونه ، لو قدر ، لسكونها ، وسكون الشمس في مجراها مقدور.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) (٥٥) [الفرقان : ٥٥] سبق نظيره أول السورة.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) (٥٨) [الفرقان : ٥٨] يدل على أن حياته معنى زائد ؛ لأن الموت مفارقة الحياة فدل على أن له حياة لا تفارق. [وفيه ونظر].
(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩) [الفرقان : ٥٩] أي : عنه. فيحتج به على أن «عن»