(أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١٥٢) [الصافات : ١٥١ ـ ١٥٢] لاستحالة ذلك في حقه (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١٥٤) [الصافات : ١٥٣ ـ ١٥٤] هو كما سبق من قوله ـ عزوجل ـ : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (٥٧) [النحل : ٥٧] أي كيف هذا الحكم الفاسد يجعلون الأنقص للأكمل وبالعكس والحكم الجيد إذا لم يكن بد من هذا الاعتقاد الرديء خلاف ذلك (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (٤٠) [الإسراء : ٤٠] (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٢٢) [النجم : ٢٢] ، (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨) [الصافات : ١٥٨] زعموا أن الملائكة ، وهذا إنما جاءهم من قبل أنهم تكلموا في الإلهيات بغير دليل شرعي ، ولا نظر عقلي ، فإن النظر العقلي يفضي إلى بطلان ما قالوه كالفلاسفة لم يقولوا بالشرع ، وقد أبطلوا ما زعمه هؤلاء الكفار / [١٧٠ أ / م] إذ النكاح والولادة يستلزم الجسمية ، وهي محال في حق القديم الواجب الوجود سبحانه.
(وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨) [الصافات : ١٥٨] أي لعذاب من كفر منهم ، ولو كانوا كما زعم الكفار لكانوا صهرا له ونسبا ، فلم يعذبهم ، أو المراد [أن الكفار] يكذبون على الجن بأنهم أصهار الله ـ عزوجل ـ والجن تعلم كذبهم في ذلك ، إذ يعلمون أنه لا نسبة لهم إليه إلا بالعبودية ، وأنهم ما بين محضر العذاب يوم القيامة مرحوم.
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (١٥٩) [الصافات : ١٥٩] أي تنزه عن قولهم إذ لا يليق به وهو محال في حقه ـ عزوجل ـ (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٠) [الصافات : ١٦٠] مستثنى من قوله : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨) [الصافات : ١٥٨] أي لمحضرون النار والعذاب إلا المخلصين منهم فلا يعذبون ، وهذه قسمة للجن إلى مخلص وغيره كانقسام الإنس إليهما في قوله : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٨٣) [ص : ٨٢ ـ ٨٣].