وبيانه أن الله ـ عزوجل ـ أراد إكرام الشهداء ، فعلق أرواحهم بأبدان طير يتنعمون / [٤١١ / ل] بواسطتها إلى حين البعث ، ثم تعاد أرواحهم إلى أجسادهم الأصلية ، وأنتم تثبتون تناسخكم أبدا معطلا للبعث والمعاد ، فأحد النسخين غير الآخر.
وعن الثاني بأن كتب الأولين وتاريخ المتأخرين لا يعتمد عليها في مثل هذه المطالب المهمة ، ولئن سلم فذلك في حق بختنصر مسخ لا نسخ ، مسخ في تلك الأطوار ليحدث له بذلك اعتبار ، والفرق بينهما أن المسخ قلب الصورة مع بقاء النفس والمادة بحالهما ، كقلب الإنسان قردا أو خنزيرا ، والنسخ نقل النفس عن هيكلها إلى هيكل آخر ، وهو فرق واضح ، والمسخ ثبت في الشرع في بني إسرائيل.
والنسخ لم يثبت إلا في أرواح الشهداء على ما زعمتم وألزمتم ، وهو أمدي لا أبدي.
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) (٦٢) [الواقعة : ٦٢] احتجاج على الإعادة بالإبداء كما سبق / [١٩٨ ب / م] آنفا.
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) (٦٣) [الواقعة : ٦٣] يحتمل على أنه احتجاج على البعث بقياس إحياء الأرض بالزرع ؛ لأن إنكار البعث قد تقدم من الكفار آنفا ، ويحتمل غير ذلك كالامتنان عليهم.
(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) (٨٣) [الواقعة : ٨٣] إلى (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (٨٥) [الواقعة : ٨٥] يحتج به الاتحادية كما مر ، [ومعناه عند الجمهور] : نحن أقرب إليه منكم بقدرتنا ورسلنا وعلمنا ونحو ذلك.
* * *