فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (٩٥) [النساء : ٩٥] / [٤١٣ / ل] وهو يقتضي أن الأكثر جهادا أفضل ولا يشك منصف عالم أن عليا كان أكثر جهادا من أبي بكر وأحسن أثرا فيه ، وأشهر أياما ، وأكثر قتلى مشهورين وغيرهم ، فيكون أفضل بهذا الاعتبار.
والكلام في هذه المسألة من الطرفين طويل ، وهذا حظ هذه الآية منه.
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (١٧) [الحديد : ١٧] لعل هذا دليل على قوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١٥٦) [آل عمران : ١٥٦] في أول السورة ، إذ لم يذكر دليله هناك ، وهو الدليل المشهور بالقياس على إحياء الأرض.
(سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢١) [الحديد : ٢١] يحتج به على أن الجنة موجودة قبل الساعة خلافا للمعتزلة ، وقد سبقت المسألة في أوائل البقرة.
(سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢١) [الحديد : ٢١] يدل على أن دخول الجنة بالفضل المحض ، وهو على ضربين :
أحدهما : من يتفضل الله ـ عزوجل ـ عليه بدخولها بمجرد السابقة من غير عمل / [١٩٩ ب / م] أصلا.
والثاني : من يتفضل عليه بالتوفيق لعمل صالح ، ثم يرتب له على ذلك دخول الجنة ، وفى أيهما أفضل خلاف متجه ، وجه تفضيل الأول أنه فقير محض وضيف للكريم محض ، ليس له سبب يشركه مع كرم الكريم ، بخلاف صاحب العمل ؛ فإنه ربما عرض له عمله مع