فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٧) [الحشر : ٧] هذا عام مطرد إلا ما خص منه بنسخ أو غيره ، وهو أصل كبير وقاعدته كلية في استخراج الأحكام من الكتاب بواسطة السنة ، وهو مقدمة كبرى في كل قياس حكم أردنا إثباته بأن نقول : هذا الحكم آتاناه الرسول ، وكل ما كان كذلك لزمنا الأخذ به ، أو هذا الحكم نهانا عنه الرسول ، وكل ما كان كذلك لزمنا اجتنابه ، ومتى ثبتت الصغرى بالسنة أو نحوها فالكبرى ثابتة بهذه الآية ، مثاله أن نقول : إفراد الإقامة ، وصحة الصوم مع الأكل ناسيا ، وجواز الخروج من النوافل بعد الشروع فيها ـ أحكام آتاناها الرسول ؛ وكل ما آتاناه الرسول نحن مأمورون بالأخذ به ، فهذه الأحكام نحن مأمورون بالأخذ به ، وكذلك نقول : بيع الغرور وبيع الكلب والسنور نهانا عنه الرسول [وكل ما نهانا عنه الرسول] لزمنا الانتهاء عنه ، فهذه البيوع يلزمنا الانتهاء عنها ، وتقرير الصغرى بالأحاديث الواردة فيها ، وقد اعتمد السلف على هذه القاعدة في استخراج الأحكام ، فلما لعن ابن مسعود النامصة نحوها ، أنكرت عليه أم يعقوب ـ امرأة من الأنصار ـ وقالت : «قد قرأت ما بين الدفتين فلم أجد لعنة من لعنت ، فقال : إن كنت قرأته فقد وجدته ، ألم تسمعي قول الله ـ عزوجل ـ : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٧) [الحشر : ٧]؟ ولقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يلعن النامصة والمتنمصة [والواشرة والمستوشرة] المغيرات لخلق الله ـ عزوجل ـ أو كما قال ، ونظم قياسه هكذا : لعن هذه جاء به الرسول ، وكل ما جاء به الرسول شرع الأخذ به ، فلعن هذه شرع الأخذ به ، وكذلك حكي عن الشافعي ـ رضي الله عنه ـ أنه جلس في المسجد / [٢٠٢ أ / م] يفتي وقال : لا تسألونني عن شيء إلا جئتكم / [٤١٨ / ل] به من كتاب الله ـ عزوجل؟ فقال الشافعي [: قال الله عزوجل] : (وَما آتاكُمُ) [الحشر : ٧] ، ثم روى بإسناده عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم» (١) منها الحية والعقرب ، والزنبور مثلهما فيقتل ولا شيء فيه ، وهذا دليل مركب من نص كتاب وسنة وقياس ، وشبيه بهذا الدليل في كليته وعمومه قوله صلىاللهعليهوسلم : «من
__________________
(١) رواه البخاري في صحيحه كتاب جزاء الصيد [٤ / ٤٢ / رقم ١٨٢٩] ومسلم في صحيحه بشرح النووي [٨ / ١٦٦ / رقم ٦٨ ـ ١١٩٨].