موضوع كان ينبغي أن يسألوا عن أهم منه ، والقرآن يستثمر فرصة سؤالهم المعبر عن استعدادهم للسّماع والقبول ليجيبهم بما هو أهم وألزم ، وهذا من شؤون الفصاحة والبلاغة حيث يترك سؤالهم ليتناول موضوعاً أهم.
وأخيراً يقول تعالى في ختام الآية : (كَذلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمُ الْأَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).
ويذكر بدون فصل في الآية التالية المحور الأصلي للتفكر ويقول : (فِى الدُّنْيَا وَالْأَخِرَةِ).
إنّ الإنسان إضافة إلى وجوب التسليم أمام أوامر الله يجب أن يُطيع هذه الأوامر عن تفكر وتعقل لا عن اتّباع أعمى ، وبعبارة اخرى أنّ الإنسان يجب عليه بموازاة الطاعة العملية أن يسعى إلى فهم أسرار وروح الأحكام الإلهية.
ثم تذكر الآية السؤال الرابع وجوابه وتقول : (وَيَسَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ). وعلى هذا الأساس فالقرآن يوصي المسلمين بعدم إهمال اليتامى ، فإنّ الإعراض عن تحمل مسؤوليتهم وتركهم وشأنهم أمر مذموم.
ثم تضيف الآية : «وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ». أجل ، إنّ الله مطلّع على نياتكم ويعلم من يقصد السوء بالاستفادة من أموال اليتامى ليحيف عليهم ومن هو مخلص لهم.
والفقرة الأخيرة من الآية تؤكد بأنّ الله تعالى قادر على أن يُضيّق ويشدّد عليكم برعاية اليتامى مع فصل أموالهم عن أموالكم ، لكن الله لا يفعل ذلك أبداً ، لأنّه عزيز وحكيم ، ولا داعي لأن يُضيّق على عباده (وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
(وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٢٢١)
سبب النّزول
في تفسير القرطبي : نزلت هذه الآية في أبي مِرثَد الغَنَويّ ، بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآله مكة سرّاً ليُخرج رجلاً من أصحابه ؛ وكانت له بمكة امرأةٌ يحبّها في الجاهلية يقال لها (عَناق) فجاءته ؛ فقال لها : إنّ الإسلام حرّم ما كان في الجاهلية ؛ قالت : فتزوّجني ؛ قال : حتى أستأذن رسول الله صلىاللهعليهوآله فأتى النبي صلىاللهعليهوآله فاستأذنه فنهاه عن التزوج بها ؛ لأنّه كان مسلماً وهي مشركة.