وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٢٥١) تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٢٥٢)
اليهود الذين كانوا قد استضعفوا تحت سلطة الفراعنة استطاعوا أن ينجوا من وضعهم المأساوي بقيادة موسى عليهالسلام الحكيمة حتى بلغوا القوّة والعظمة. لقد أنعم الله على اليهود ببركة نبيّهم الكثير من النِعم بما فيها «صندوق العهد» ، إلّاأنّ تلك النِعم والانتصارات أثارت في اليهود الغرور شيئاً فشيئاً ، وأخذوا بمخالفة القوانين ، وأخيراً اندحروا على أيدي الفلسطينيين وخسروا قوّتهم ونفوذهم بخسارتهم صندوق العهد.
استمرّت حالهم على هذا سنوات طوالاً ، إلى أن أرسل إليهم الله نبيّاً اسمه «اشموئيل» لإنقاذهم وهدايتهم ، فتجمّع حوله اليهود الذين كانوا قد ضاقوا ذرعاً بالظلم وكانوا يبحثون عن ملجأ يأوون إليه ، وطلبوا منه أن يختار لهم قائداً وأميراً لكي يتوحّدوا تحت لوائه ، ويحاربوا العدوّ متّحدين يداً ورأياً ، لإستعادة عزّتهم الضائعة.
فتوجّه اشموئيل إلى الله يعرض عليه ما يطلبه القوم فأوحى إليه : أن اخترنا «طالوت» ملكاً عليهم.
التّفسير
في أوّل آية يخاطب الله تعالى نبيّه الكريم ويقول : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِى إِسْرَاءِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِىّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلَكًا نُّقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللهِ).
«الملأ» : هم الجماعة يجتمعون على رأي فيملأون العيون رواءً ومنظراً والنفوس بهاءً وجلالاً ولذلك يقال لأشراف كل قوم (الملأ) لأنّهم بما لهم من مقام ومنزلة يملأون العين.
وعلى الرغم من أنّ الجماعة المذكورة كانت تريد أن تدفع العدو المعتدي الذي أخرجهم من أرضهم ويعيدوا ما اخذ منهم ، فقد وُصفت تلك الحرب بأنّها في سبيل الله ، وبهذا يتبين أنّ ما يساعد على تحرر الناس وخلاصهم من الأسر ورفع الظلم والعدوان يعتبر في سبيل الله.
ولما كان نبيهم يعرف فيهم الضعف والخوف قال لهم : يمكن أن يصدر إليكم الأمر للجهاد فلا تطيعون (قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا).
ولكنهم قالوا : كيف يمكن أن نتملّص من محاربة العدو الذي أجلانا عن أوطاننا وفرّق