الميدان يقال أنّه برز للقتال ، وإذا طلب القتال من الأعداء يقال أنّه طلب مبارزاً.
انّ طالوت وجنوده طلبوا من الله العلي القدير ثلاثة امور ، الأوّل : الصبر والاستقامة ، الثاني : أن يثبّت أقدامهم حتى لا يُرجّح الفرار على القرار ، الثالث : من الامور التي طلبها جيش طالوت هو (وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) وهو في الواقع الهدف الأصلي من الجهاد ويُنفّذ النتيجة النهائية للصبر والإستقامة وثبات الأقدام.
ومن المسلّم أنّ الله تعالى سوف لا يترك عبادة هؤلاء لوحدهم أمام الأعداء مع قلة عددهم وكثرة جيش العدو ، ولذلك تقول الآية التالية : (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ).
وكان داود في ذلك الوقت شابّاً صغير السن وشجاعاً في جيش طالوت. أنّ داود كان ماهراً في قذف الحجارة بالقلّاب حيث وضع في قلّابه حجراً أو اثنين ورماه بقوة وبمهارة نحو جالوت ، فأصاب الحجر جبهته بشدة فصرعه في الوقت ، فتسّرب الخوف إلى جميع أفراد جيشه ، فانهزموا بسرعة أمام جيش طالوت ، وكأنّ الله تعالى أراد أن يظهر قدرته في هذا المورد وأنّ الملك العظيم والجيش الجرّار لا يستطيع الوقوف أمام شاب مراهق مسلح بسلاح ابتدائي لا قيمة له.
تضيف الآية : (وَءَاتَيهُ اللهُ المُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ). وعلى الرّغم من أنّ الآية لا تقول أنّ داود هذا هو داود النبي والد سليمان عليهماالسلام ولكن جملة (وَءَاتَيهُ اللهُ المُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ) تدلّ على أنّه وصل إلى مقام النبوة.
وفي ختام الآية إشارة إلى قانون كلي فتقول : (وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ).
وهذه الآيات بشارة للمؤمنين الذين يقفون في مواقع أمامية من مواجهة الطواغيت والجبابرة فينتظرون نصرة الله لهم.
وآخر آية في هذا البحث تقول : (تِلْكَءَايَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
تشير هذه الآية إلى القصص الكثيرة التي وردت في القرآن بشأن بني إسرائيل وأنّ كلّا منها دليل على قدرة الله وعظمته ومنزهة عن كل خرافة واسطورة (بالحق) حيث نزلت على نبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وكانت إحدى دلائل صدق نبوته وأقواله.