(وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ).
ولا شك في أنّ بعض الناس أساء استخدام هذه الحرية ، ولكن وجود الحرية في المجموع يُعتبر ضرورياً لتكامل الإنسان لأنّ التكامل الإجباري لا يُعدّ تكاملاً.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢٥٤)
الإنفاق من أهمّ أسباب النجاة يوم القيامة : بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن الامم الماضية وجهاد حكوماتها الإلهيّة والاختلافات التي حدثت بعد الأنبياء عليهمالسلام تخاطب هذه الآية المسلمين وتشير إلى أحد الواجبات المهمة عليهم التي تسبّب في تقوية بنيتهم الدّفاعيّة وتوحّد كلمتهم فتقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم).
جملة «مِمَّا رَزَقْنَاكُم» لها مفهوم واسع حيث يشمل الإنفاق الواجب والمستحب وكذلك الإنفاق المعنوي كالتعليم وأمثال ذلك ، ولكن مع الإلتفات إلى التهديد الوارد في ذيل الآية لا يبعد أن يكون المراد به الإنفاق الواجب يعني الزكاة وأمثالها ، مضافاً إلى أنّ الإنفاق الواجب هو الّذي يعزّز بيت المال ويقوّم كيان الحكومة.
ثم تضيف الآية : (مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لَّابَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ) (١).
(وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ). لأنّهم بتركهم الإنفاق والزكاة يظلمون أنفسهم ويظلمون الناس.
إنّ الكفر في الآية يعني التمرد والعصيان والتخلف عن إطاعة أمر الله.
(اللهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (٢٥٥)
__________________
(١) «خُلّة» : مأخوذة من مادة «خلل» بمعنى الفاصلة بين شيئين وبما أنّ المحبّة والصداقة تحل في وجود الإنسان وروحه وتملأ الفواصل لذا اطلقت هذه المفردة على الصداقة العميقة.