(لَّهُ مَا فِى السَّموَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ). لا يكون هناك قيام بشؤون العالم بغير ملكية السماوات والأرض وما فيها ، لذلك فهذه الآية ـ بعد ذكر قيومية الله ـ تشير إلى حقيقة كون العالم كله ملك خاص لله ، وأنّ كل تصرف يحدث فيه فبأمر منه.
من الواضح أنّ التقيد بهذا يعتبر في الواقع عاملاً مهماً من عوامل التربية ، إذا اعتقد الإنسان أنّه ليس المالك الحقيقي لما يملك وإنّما هو يتصرف به لفترة قصيرة من الزمن ، فسيمتنع ـ دون شكّ ـ عن الإعتداء على حقوق الآخرين وعن الحرص والطمع والاحتكار والبخل وأمثالها مما يتولد في الإنسان نتيجة التصاقه بالدنيا ، فيكون ذلك مدعاةً لتربيته تربية تجعله قانعاً بحقوقه المشروعة.
(مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ). وهذا ردّ على ادعاء المشركين الذين يقولون إننا نعبد الأوثان لتكون شفعاءنا عند الله كما ورد في الآية (٣) من سورة الزمر : (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى).
وهذه الآية من نوع الاستفهام الاستنكاري ، أي ما من أحد يتقدم بشفاعة إليه إلّابإذنه. هذه الآية تكمل معنى قيومية الله ومالكيته المطلقة لجميع ما في عالم الوجود.
(يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ). بعد الإشارة إلى الشفاعة في الآية السابقة ، وإلى أنّ هذه الشفاعة لا تكون إلّابإذن الله ، تأتي هذه الجملة لبيان سبب ذلك فتقول إنّ الله عالم بماضي الشفعاء ومستقبلهم ، وبما خفي عليهم أيضاً.
وعلى هذا فأنّ الله محيط بكلّ أبعاد الزمان والمكان فكل عمل حتى الشفاعة يجب أن تكون بإذنه.
وفي ثامن صفة مقدسة تقول الآية : (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَىْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ).
ومن هذه الفقرة من الآية يستفاد أمرين :
الأوّل : أنّه لا أحد يعلم شيئاً بذاته ، فجميع العلوم والمعارف البشرية إنّما هي من الله تعالى.
والآخر : هو أنّ الله تعالى قد يضع بعض العلوم الغيبية في متناول من يشاء من عباده فيطلعهم على ما يشاء من أسرار الغيب.
وفي تاسع وعاشر صفة إلهية تقول الآية : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يُودُهُ حِفْظُهُمَا).