سبب النّزول
في تفسير القمي : كان سبب نزولها أنّه لما أنزل الله تعالى (الذين يأكلون الربا) فقام خالد بن الوليد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله! ربا أبي في ثقيف ، وقد أوصاني عند موته بأخذه فأنزل الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ).
التّفسير
في الآية الاولى يخاطب الله المؤمنين ويأمرهم بالتقوى ثم يأمرهم أن يتنازلوا عما بقي لهم في ذمّة الناس من فوائد ربوية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِىَ مِنَ الرّبَوا إِن كُنتُم مُّوْمِنِينَ).
يلاحظ أنّ الآية بدأت بذكر الإيمان بالله واختتمت بذكره ، ممّا يدلّ بوضوح على عدم انسجام الربا مع الإيمان بالله.
(فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ).
تتغيّر في هذه الآية لهجة السياق القرآني ، فبعد أن كانت الآيات السابقة تنصح وتعظ ، تهاجم هذه الآية المرابين بكل شدة ، وتنذرهم بلهجة صارمة أنّهم إذا واصلوا عملهم الربوي ولم يستسلموا لأوامر الله في الحق والعدل واستمرّوا في امتصاص دماء الكادحين المحرومين فلا يسع رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّاأن يتوسل بالقوة لإيقافهم عند حدّهم وإخضاعهم للحق ، وهذا بمثابة إعلان الحرب عليهم ، وهي الحرب التي تنطلق من قانون : (قَاتِلُوا الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ) (١).
يستفاد من هذه الآية أنّ للحكومة الإسلامية أن تتوسل بالقوة لمكافحة الربا.
(وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَاتَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ).
أمّا إذا تبتم ورجعتم عن غيّكم وتركتم تعاطي الربا فلكم أن تتسلّموا من الناس المدينين لكم رؤوس أموالكم فقط «بغير ربح». وهذا قانون عادل تماماً لأنّه يحول دون أن تظلموا الناس ودون أن يصيبكم ظلم.
إنّ تعبير (لَاتَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) وإن كان قد جاء بشأن المرابين ولكنه شعار إسلامي
__________________
(١) سورة الحجرات / ٩.