(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨)
تعقيباً على البحث في الآيات السابقة حول المؤمنين الحقيقيين ، تشير هذه الآية إلى بعض أدلة التوحيد ومعرفة الله فتقول بأنّ الله تعالى يشهد بوحدانيته (من خلال إيجاد النظام الكوني العجيب) ، كما تشهد الملائكة ، ويشهد بعد ذلك العلماء والذين ينظرون إلى حقائق العالم بنور العلم والمعرفة : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ).
هذه الآية من الآيات التي كانت موضع اهتمام رسول الله صلىاللهعليهوآله دائماً وكان يردّدها في مواضع مختلفة.
(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (١٩)
«الدين» : في الأصل بمعنى الجزاء والثواب ، ويطلق على «الطاعة» والإنقياد للأوامر ، و «الدين» في الاصطلاح : مجموعة العقائد والقواعد والآداب التي يستطيع الإنسان بها بلوغ السعادة في الدنيا ، وأن يخطو في المسير الصحيح من حيث التربية والأخلاق الفردية والجماعية.
«الإسلام» : يعني التسليم وهو هنا التسليم لله وعلى ذلك ، فإنّ معنى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الْإِسْلمُ) : إنّ الدين الحقيقي عند الله هو التسليم لأوامره وللحقيقة ، في الواقع لم تكن روح الدين في كل الأزمنة سوى الخضوع والتسليم للحقيقة.
وإنّما أطلق اسم الإسلام على الدين الذي جاء به الرسول الأكرم لأنّه أرفع الأديان.
ثم إنّ الآية تذكر علة الاختلاف الديني على الرغم من الوحدة الحقيقية للدين الإلهي وتقول : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ).
فعلى هذا إنّ الاختلاف ظهر أوّلاً : بعد العلم والإطلاع على الحقائق ، وثانياً : كانت الدوافع لذلك هي الظلم والطغيان والحسد.