ولم يكن هؤلاء الأنبياء غير مزوّدين بما يبرهن على صدقهم ، بل (جَاءُو بِالْبَيّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ).
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (١٨٥)
الموت وقانونه العام : تعقيباً على البحث حول عناد المعارضين وغير المؤمنين تشير هذه الآية ـ أوّلاً ـ إلى قانون عام يشمل جميع الأحياء في هذا الكون وتقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ).
إنّ لهذه الحياة نهاية لا محالة ، ولابد أن يأتي ذلك اليوم الذي يزور فيه الموت كل أحد ، ولا يكون أمامه ـ حينئذ ـ إلّاأن يفارق هذه الحياة.
إنّ المراد من «النفس» في هذه الآية هو مجموعة الجسم والروح ، وإن كانت النفس في القرآن تطلق أحياناً على خصوص «الروح» أيضاً.
والتعبير بالتذوق إشارة إلى الإحساس الكامل.
ثم تقول الآية بعد ذلك : (وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ). أي إنّه ستكون بعد هذه الحياة مرحلة اخرى هي مرحلة الثواب والعقاب ، وبالتالي الجزاء على الأعمال ، فهنا عمل ولا حساب وهناك حساب ولا عمل.
وعبارة «تُوفَّون» التي تعني إعطاء الجزاء بالكامل تكشف عن إعطاء الإنسان أجر عمله ـ يوم القيامة ـ وافياً وبدون نقيصة.
ثم قال سبحانه : (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ).
«زحزح» : تعني محاولة الإنسان لإخراج نفسه من تحت تأثير شيء ، وتخليصها من جاذبيته تدريجاً ؛ و «فاز» : تعني في أصل اللغة النجاة من الهلكة ونيل المحبوب والمطلوب. والجملة بمجموعها تعني أنّ الذين استطاعوا أن يحرروا أنفسهم من جاذبية النار ودخلوا الجنة فقد نجوا من الهلكة ولقوا ما يحبونه وكأنّ النار تحاول بكل طاقتها أن تجذب الأدميين نحو نفسها ... حقّاً أنّ هناك عوامل عديدة تحاول أن تجذب الإنسان إلى نفسها ، وهي على درجة كبيرة من الجاذبية.