أليس للشهوات العابرة ، واللذات الجنسية الغير المشروعة ، والمناصب ، والثروات الغير المباحة مثل هذه الجاذبية القوية؟
ثم يقول سبحانه في نهاية هذه الآية : (وَمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
وهذه الجملة تكمل البحث السابق وكأنّها تقول : إنّ هذه الحياة مجرد لهو ومتاع تخدع الإنسان من بعيد ، فإذا بلغ إليها الإنسان ونال منها ولمسها عن كثب وجدها ـ على الأغلب ـ فراغاً في فراغ وخواء في خواء ، وما متاع الغرور إلّاهذا.
إنّ هذه التعابير قد تكررت في القرآن والأحاديث كثيراً ، والهدف منها جميعاً شيء واحد هو أن لا يجعل الإنسان هذه الحياة المادية ولذاتها العابرة الفانية الزائلة هدفه الأخير ، وأمّا الإنتفاع بالحياة المادية ومواهبها كوسيلة للوصول إلى التكامل الإنساني والمعنوي فليس غير مذموم فقط ، بل هو ضروري وواجب.
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١٨٦)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : عندما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة وابتعدوا عن دورهم وديارهم ، راحت أيدي المشركين تطال أموالهم وتمتدّ إلى ممتلكاتهم ، وتنالها بالتصرف والسيطرة عليها ، وإيذاء كل من وقعت عليه أيديهم والإيقاع فيه بالهجاء والاستهزاء. وعندما جاءوا إلى المدينة ، واجهوا أذى اليهود القاطنين في المدينة ، خاصة كعب بن الأشرف الذي كان شاعراً سليط اللسان ، وكان يهجو النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين ويحرّض المشركين عليهم ويشبب بنساء المسلمين.
فقال صلىاللهعليهوآله : «من لي بابن الأشرف»؟ فقال محمد بن سلمة : أنا يا رسول الله. فخرج هو وأبو نائلة مع جماعة فقتلوه غيلة ، وأتوا برأسه إلى النبي صلىاللهعليهوآله آخر الليل ، وهو قائم يصلي.
التّفسير
لا تتعبكم المقاومة : (لَتُبْلَوُنَّ فِى أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ). أجل إنّ هذه الحياة ساحة اختبار